الجمعة - 20 سبتمبر 2024
منذ 3 أسابيع
الجمعة - 20 سبتمبر 2024

إنتصار الماهود ||

 


لبيك يا رسول الله فلا ناصر الا الله والإمام الحسين، لبيك يا حسين، لبيك يا أقصى، لبيكِ يا غزة.

بهذه الهتافات أكثر من 1000 فلسطيني يدخلون لمقام الإمام الحسين عليه السلام، في موكب مهيب وهو مشهد يحدث لأول مرة، فلم نشهد سابقا حضور مثل هذا العدد أثناء الزيارة الأربعينية، حثتهم الخطى ووصلوا كربلاء المقدسة لبث مظلوميتهم للحسين عليه السلام، حول ما يجري في غزة من إبادة جماعية وخذلان الاعراب الأجلاف، لقد فقدوا إيمانهم بكل القوانين والدساتير التي تدافع عن حقوق الإنسان، فهي لم تنصفهم في قضيتهم العادلة لذا لجأوا لإمام الإنسانية، والثائر على ظلم وطغيان آل أمية سيدي ومولاي الحسين عليه السلام.

ربما البعض يعتبرها سابقة أن يحضر هذا العدد من أبناء فلسطين لزيارة كربلاء المقدسة كيف ولماذا؟! هل تشَيّعَ أهل غزة وهذا سبب حضورهم؟!

بالطبع لم يكن حضور الأخوة من فلسطين لكربلاء هو شيء إجباري أو أمر دُبر بليل، لقد كان الوجود الفلسطيني حاضرا في كربلاء خاصة في السنوات الأخيرة، بعد تأسيس مؤتمر نداء الأقصى، والذي يضم علماء ورجال دين وناشطين مهتمين وداعمين للقضية الفلسطينية، من كل المذاهب والأديان وعقد من 14 لغاية 25 آب الجاري، وناقش هذا المؤتمر القضية الفلسطينية ودعمها ومساندة الأشقاء، ونقل مظلوميتهم للعالم وهو تعكس أروع صور التلاحم الإنساني، رغم إختلاف اللون والعقيدة والدين واللغة للمؤتَمِرين.

وللمؤتمر موكبه الخاص به والذي يقع بين النجف الأشرف، وكربلاء المقدسة عند العمود 833، وهذا العدد يرمز الى المسافة بين الأقصى وكربلاء المقدسة، ويعقد سنويا بدعم من العتبة الحسينية و الحملة العالمية للعودة لفلسطين.
ويعتبر المؤتمر السنوي رسالة عظيمة توجه للشعب الفلسطيني، (أنتم لستم وحدكم فالإنسانية والشيعة تدعمكم وتساندكم )، وهنا يجب أن نشير الى الرسالة البليغة التي وجهها احد المواكب الحسينية العراقية، موكب بني عامر هذه السنة فقد خطت الآية القرآنية: ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون“ صدق الله العلي العظيم.

وهي تعزية لأهالي غزة عن الشهداء الذين فقدوهم بسبب العدوان الصهيوني في الحرب الأخيرة، وهي رسالة عظيمة ومواساة أعظم بحضرة سيد الشهداء عليه السلام.

لنتكلم بطائفية قليلا وبفخر كثيرا عن موقف العراق المساند لفلسطين، حيث كانت الحكومة العراقية وشعب العراق من الداعمين المساندين وبقوة لحق الشعب الفلسطيني، بتقرير مصيرهم وتحرير أرضهم من الإحتلال وسانده بكل الوسائل المتاحة لبيان مظلوميتهم، وكذلك موقف دول المحور الشيعي التي إنبرت للدفاع عن أهل غزة وخوض حرب الطوفان من محاور مختلفة:(العراق، لبنان، اليمن، سوريا، إيران، اليمن )، ولم تتراجع عن دعمها رغم التهديدات الأمريكية لتلك الدول، على العكس من الأشقاء العرب، (السعودية وأخواتها)، والتي لطالما وقفت بموقف المتفرج حول ما يحدث من إنتهاكات في غزة، ” عاد لو تصريح واحد كلكم بيه لو صوت عالي، زعلانين هم نحاول نصدك بيكم، مدري ليش تذكرت صديم من كضوه الأمريكان وكالوا عنه قاومهم، وطلع لسانه شطولة وهو حتى اللايت ما عضه حتى نصدك بيه“.

إن موقف العرب الأجلاف لن يتغير، ولن نتأمل منهم أن يقدموا الدعم والمساندة لأهل فلسطين، رغم التقارب الفكري والمذهبي مع تلك الدول، فدعمهم وموافقهم كانت إما خجولة وإما مساندة للكيان وبوقاحة.

لا أستغرب أبداً مما يحدث فالفرق شاسع بين أتباع علي عليه السلام، وأتباع معاوية، والفيصل بين المعسكرين هو الوقوف بجانب الحق ونصرة المظلوم.

رغم محاولات الاعلام الغربي والبدوي من تشويه صورتنا بكلمات وصفات خبيثة مقل رافضة، مجوس، كفار والتي كانت صفة ملاصقة لنا نحن شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام، لكن يأبى الله ليكشف زيفهم وعروبتهم التي لا تساوي أكثر من شسع نعل، ليميز الفلسطيني من يقف معه ومن يقف ضده.

إن الدفاع عن القضية الفلسطينية ضد الكيان الزائل، هو واجب إنساني وأخلاقي قبل أن يكون دينيا ومذهبيا، وهذا بالضبط ما فعله محور الممانعة الشيعي والذي تبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية، ودعمها بكل الوسائل الممكنة من منطلق إنساني وأخلاقي وهذا ما حدا بالفلسطيني، ليحول بوصلته نحو محور المقاومة الشيعي بدلا من محور الأشقاء الاعراب.

غزة لم تصبح شيعية أبدا ونحن لن نجبر أحدا على إعتناق مذهبنا مذهب الحق مكرها أو مُضَللاً، لكن غزة وأهلها وجدوا في المذهب الشيعي والدول التي تمثله، وجدوا فيهم الحسين عليه السلام الممثل الحقيقي والمدافع الفعلي عن الإنسانية والأخلاق المحمدية والطريق القويم لآل البيت الأطهار فهم بقية الله على أرضه.