الاخلاق..!
🖋📜 الشيخ الدكتور عبد الرضا البهادلي ||
الاخلاق في روايات اهل البيت عليهم السلام.
وفي الكافي قال أبو عبد الله (عليه السلام) لرجل: «إنك قد جُعلت طبيب نفسك ،وبُين لك الداء، وعُرفت آية الصحة، ودُللت على الدواء، فانظر كيف قيامك على نفسك».
في هذا الحديث عدة مطالب نتعرض لها.
📍اولا . في الكلام استعارة لوجود الشبه بين طب البدن وطب النفس ، ففي الطب مثلا يستطيع الانسان ان يكون طبيب نفسه لمعالجتها من خلال معرفة ودراسة قوانين الطب كداء( السكر) على سبيل المثال ، وهو ارتفاع معدل السكر في الدم وتجاوزها الحدود الطبيعية كما بينه الطب ،وكذلك عرف هذا الانسان آية الصحة وهو ان يكون المعدل الطبيعي للسكر في الجسم ١٠٠ مثلا. وهذا الانسان دل على الدواء اما من خلال الحمية من بعض الاطعمة والاشربة( المعدة بيت الداء) او من خلال بعض الادوية الكيماوية والاعشاب المساعدة التي تحافظ على نسبة السكر في الدم ،وهنا يأتي دور الانسان وكيف يمكن ان يطبق العلاج من اجل شفاء بدنه
📍ثانيا. الانسان معالج لروحه ونفسه : لا يوجد أحد أعرف من الانسان بنفسه ، فالانسان على نفسه بصيرة ،فعلم الانسان بنفسه علم حضوري، وعلم الانسان بغيره علم حصولي. فعلم الانسان بمرضه وبالمه ودائه وحزنه غمه علم حضوري ، ولاجل ذلك فان الانسان افضل معالج لنفسه وهو مسؤول عن علاج نفسه وتهذيبها واخراجها من عللها وامراضها الاخلاقية وعقدها النفسية لانه أعرف بنفسه من غيره بهذه الامراض الباطنية .
📍ثالثا . بيان الداء: علم الاخلاق وظيفته بيان الامراض الاخلاقية والنفسية والفكرية في الانسان كبيان مرض الانانية ،والحسد ، والغرور، والتكبر. والعجب ،والنفاق. والكذب، والخداع ،والابتزاز ، والبخل ، وبذاءة اللسان ،والشك ،والخيانة ، والظلم ، والغضب
وغيرها من الامراض الباطنية.
📍رابعا. وعُرفت آية الصحة: وعلم الاخلاق يعلم الانسان ما هي علامة التعافي من الامراض الاخلاقية ، كما في علامات التعافي من المرض البدني ، وهو زوال هذه الامراض الاخلاقية والنفسية من باطن الانسان ليصبح الانسان سويا يعيش الفطرة الانسانية…
📍خامسا. ودُللت على الدواء : كما أن الأمراض البدنية لها علاجات كذلك الامراض النفسية والاخلاقية لها علاج فمثلا الانسان اذا كان انانيا _ والاناني هو الذي يحب الاشياء لنفسه ويستاثر بها دون غيره من اموال ومصالح ومناصب والى غير ذلك وهذا المرض اليوم منتشر في المجتمع وهو تصديق لقوله تعالى( بل تؤثرون الحياة الدنيا ). والانانية في حقيقتها فساد وظلم للمجتمع _ واراد الانسان العلاج من هذا المرض الخطير عليه ان يقهر نفسه على الإيثار وتقديم الآخرين على نفسه ، وان هذه الحياة الدنيا لا قيمة لها قي قبال نعيم الآخرة ، وقد حث الله تعالى على الايثار ونبيه الاكرم ودوطبقها النبي الاكرم صلى الله عليه واله والائمة الاطهار عليهم السلام والكثير من الصحابة والعلماء في حياتهم فعلي عليه السلام ضحى بنفسه من اجل حياة النبي وبقى في فراشه وهكذا الحسين عليه السلام واصحابه ايثارهم بانفسهم وهكذا الايثار في الاموال وغيرها مما يحتاج اليها الانسان.
📍سادسا. فانظر كيف قيامك على نفسك: الله ما اجمل ذيل الكلام ونهاية الحديث ،وهو جعل الانسان مختارا بيده ان يصلح نفسه بعد ان عرف الداء وعرف الدواء، فإذا قام بعلاج نفسه فقد فاز فوزا عظيما، قد افلح من زكاها. واذا اهمل نفسه وتركها ولم يعالجها من أمراضها فقد قتل نفسه وقد خاب من دساها والقاها في جهنم خالدا فيها…..
🤲 ربي زدني علما. وانفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني ، بحق محمد وال محمد صلواتك عليهم اجمعين….