الجمعة - 20 سبتمبر 2024

الانترنيت المظلم واحة للاجرام والمخدرات والمنظمات الارهابية

منذ 3 أسابيع
الجمعة - 20 سبتمبر 2024

أ.د.جاسم يونس الحريري ||

 


بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
للاتصال بالكاتب:[email protected]
في سبعينيات القرن الماضي، وبعد فترة وجيزة من تأسيس شبكة الإنترنت الأولية، طورت ((وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة)) التابعة ((للبنتاغون)) شبكة ARPANET، مما أدى إلى ظهور عدد من الشبكات المعزولة والسرية وبالتالي تكوين مصطلح ((الشبكة المظلمة)) أو Darknet.وخلال الثمانينيات من القرن ذاته، بدأت تظهر مشكلات تتعلق بتخزين الصور ومقاطع الفيديو الحساسة أو الممنوعة، مما أسفر عن إنشاء ما يعرف بـ “ملاذات البيانات” وفي أواخر التسعينيات،

قادت ((شركة نابستر)) تطوير شبكات نظير إلى نظير “شبكة رقمية يتم تخزين حقوق الملكية من خلالها” مثل نوتيلا وفرينت وكازا، مما أحدث ثورة في التجارة وتوزيع الموسيقى والأفلام المحمية بحقوق النشر عبر مراكز بيانات لامركزية.ويوجد الإنترنت المظلم (Dark web) على شبكة مشفرة ولا يمكن اكتشافه باستخدام محركات البحث التقليدية أو زيارته باستخدام المتصفحات التقليدية، للوصول إلى “دارك ويب” يتطلب استخدام متصفح مجهول يسمى Tor.

يطلق الخبراء على الإنترنت المظلم اسم “أرض الخدمات المخفية” أو “دارك ويب”، حيث تجرى من خلاله مختلف المعاملات التجارية السرية، ويمكن التنقل إليه والتجول في مواقعه من دون أن يترك الشخص أي آثار، أي أنه سيكون مخفي الهوية، وأنشطته غير مسجلة على أي محركات بحث، ولا يمكن تعقبه.

تعرف شركة “كاسبرسكي لاب” الروسية المتخصصة في تصميم برامج مكافحة فيروسات الإنترنت “الإنترنت المظلم” أو ما يطلق عليه أيضاً “دارك ويب”، بأنها تلك ((الشبكة العنكبوتية السرية، التي تتألف من مجموعة مواقع إلكترونية مخفية عن أعين المتابعين)).وكان الانترنيت المظلم بابًا مفتوحًا لأولئك المطلوبين من جهات إنفاذ القانون، لتنفيذ العمليات غير المشروعة بدءا من تجارة المخدرات وصولا إلى تجارة الأسلحة والتجارة في المعلومات المقرصن عليها، سرا. وتميزت مواقع “دارك ويب”، بأنها لا يمكن الوصول لها بمتصفحات الإنترنت العادية، وتحتاج لتصل إليها إلى متصفحات خاصة مثل متصفح “تور”.

ومكن من خلال الإنترنت المظلم القيام بعدد كبير من العمليات غير المشروعة، والتي جاءت على سبيل المثال، شراء أرقام بطاقات الائتمان وتداول جميع أنواع المخدرات والبيع غير المشروع للأسلحة وتداول الأموال والعملات المزيفة وغيرها من الأمور المخالفة. وحدد تقرير “إنتو ذا ويب أوف بروفيت” العالمي الأدوات أو الخدمات التي تقدم عبر شبكات الدارك ويب، وربما تشكل خطرا على الإنترنت بشكل عام.

رغم تواجد بعض المنافع القليلة على الدارك ويب إلا أنه يظل محفوفاً بمخاطر قد تهدد الأمان. يشير تقرير إلى أن نحو 6.7% من المستخدمين يستخدمون الويب المظلم بنيات مؤذية، مما يجعل الحذر ضرورياً عند التنقل في هذه الأروقة الإلكترونية.المخاوف تتضمن الوقوع في شباك مواقع يديرها مجرمون، تقدم سلعاً وخدمات غير قانونية، ما يزيد من فرص التعرض للسرقة والاستغلال. وحسب موقع “imf” الأمريكي، يمكن أن يتعرض الشخص للمساءلة القانونية والعقاب وفقاً لقوانين دولية في حال قام بنشر صور غير لائقة على الويب المظلم ولو بطريق الخطأ،

فإن مجرد المشاهدة العرضية قد لا تؤدي بالضرورة إلى الملاحقة القضائية، إلا أن الاحتفاظ بها أو توزيعها يعتبر جريمة خطيرة. وفي محاولاتهم المستمرة لمواجهة التهديدات الأمنية على الإنترنت، يكافح خبراء ((الأمن المعلوماتي)) في مختلف البلدان لتحديد مواقع((الخوادم))، وإغلاق ((المواقع الضارة))،

واعتقال المسؤولين عنها. ومع ذلك، تظل الشبكة المظلمة “الدارك ويب” محوراً خطيراً للتنظيمات الارهابية والتكفيرية التي تستخدمها لتنسيق الاتصالات ونقل تفاصيل العمليات بشكل سري. وفي حادثة مروّعة هزت مصر، كُشف في شهر مايو2024 عن تورط طفل مقيم في الكويت في تحريض على جريمة قتل وحشية في منطقة ((شبرا))بالقاهرة عبر الإنترنت المظلم أو ما يعرف بـ “الدارك ويب”.

تفاصيل الجريمة التي شملت قتل طفل واستخراج أعضائه لتصوير العملية بغرض بيع الفيديو على الشبكة السوداء،أثارت صدمة عارمة في البلاد.الجاني، كان قد استلم تعليماته من الطفل المحرض مقابل مبلغ يصل إلى خمسة ملايين جنيه مصري “أكثر من 100 ألف دولار أمريكي”.هذه الحادثة لفتت الأنظار إلى أخطار الإنترنت المظلم “الدارك ويب”؛ مما دفع الأزهر الشريف لإصدار فتوى تحرم التعامل بهذا الأمر.