لماذا الضفة والآن؟!
أمين السكافي (لبنان) ||
شرع الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء 28 من هذا الشهر في عملية عسكرية موسعة برا وجوا في الضفة الغربية. تعتبر هذه العملية الأكبر من نوعها في الضفة الغربية منذ العملية المسماة “الدرع الواقي” عام 2002. شن الجيش الإسرائيلي عدة هجمات في مدن وقرى ومخيمات الضفة. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، استشهد ما لا يقل عن 700 شخص وجرح حوالي 6000 آخرين منذ السابع من أكتوبر الماضي.
أهداف العملية العسكرية
هذه العملية، وفقاً للمصادر، تهدف إلى إنهاء جيوب المقاومة، وخصوصاً في مخيمات جنين ونور شمس والفارعة وبلاطة. ومع ذلك، وحسب مراقبين، فإن الهدف الأساسي لهذه العملية هو تهجير سكان الضفة، بدءاً بمخيماتها. وهذا ما لم يتمكن الاحتلال من تحقيقه في غزة. فرغم كل ما حصل، فإن سكان غزة بقوا فيها، وعندما ينتهي العدوان، سيقومون بإعادة إعمار ما تهدم بأي وسيلة كانت.
التهجير القسري
الهدف الآن في الضفة هو التهجير القسري للسكان (ترانسفير). ولكن السؤال الأبرز هو: أين الحكومة الأردنية وأين ما يُدعى بالسلطة الفلسطينية؟ من المعروف للجميع أن الأجهزة الأمنية المختلفة للأردن موجودة وبشكل مكثف في الضفة، وخصوصاً أن الأردن يغطي حدود الضفة. فما هو موقفه من العملية العسكرية الإسرائيلية، خصوصاً أنه يعتبر مسؤولاً معنوياً عن الضفة؟
موقف السلطة الفلسطينية
بالنسبة لما يسمى بالسلطة الفلسطينية، ما هو موقفها الآن وكيف ستتصرف تجاه العدوان؟ كيف سيتصرف منتسبوها البالغ عددهم 70 ألف عسكري وهم يرون أهاليهم يُبادون ويُهجّرون؟
الوضع في غزة والضفة
في الحقيقة، غزة تقاتل منذ إحدى عشرة شهراً، وهي محاصرة من كل الجهات. لكن داخلها متكامل مع بعضه البعض، بينما في الضفة هناك العدو الصهيوني ومستوطنيه، وهناك الأردن وأجهزته، وهناك السلطة وشرطتها التي تم تدريبها على يد الجنرال الأمريكي دايتون.
انتقادات للسلطة الفلسطينية
الغريب في الأمر هو بعض الأصوات الفلسطينية التي تدعي مناصرتها للمقاومة، لكنها تحرم الحديث عن السلطة بدعوى وحدة الصف. عن أي وحدة صف نتحدث؟
تاريخ السلطة الفلسطينية
دعونا نروي حكاية السلطة من تأسيسها إلى الآن. نشأت السلطة بعد اتفاق أوسلو الذي وقع بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني. بموجب هذا الاتفاق، أعطى الكيان حوالي 20% من مساحة فلسطين. هذا الاتفاق لم يُنفذ بسبب إقامة المستوطنات في الأراضي المفترض أنها تحت حكم السلطة، بالإضافة إلى التدخل الدائم للجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
من أعطى الحق للمنظمة لتتنازل عن 80% من الأراضي وأكثر للكيان؟ السلطة لم تحصل على حقها من الأرض المفترض لها، وفي الجانب الآخر تم تدريب أكثر من 70 ألف شرطي على يد الأمريكيين والإسرائيليين. هؤلاء تم تجهيزهم لتكون عيوناً وآذاناً للكيان في مناطق الضفة.
التعاون مع الاحتلال
فتح، أكبر فصيل سابق في منظمة التحرير، وقعت اتفاقية أوسلو. ماذا قدمت للشعب الفلسطيني غير التعاون مع الكيان للتضييق على أهالي الضفة؟ السلطة هي مجرد كيان تابع لإسرائيل ينفذ ما تطلبه. كيف يمكن أن يكون هناك وحدة في الصف بين جهة عميلة وخائنة وجهة مقاومة شريفة ومقدسة؟
عدم التحرك
ما حصل في غزة منذ إحدى عشرة شهراً لم يكن له أي رد فعل من السلطة أو حركة فتح. لا تحركات ولا اعتصامات ولا مظاهرات، وطبعاً لا تحرك عسكري دعماً للمقاومة. السلطة وزبانيتها يشبهون جيش أنطوان لحد العميل في الجنوب اللبناني سابقاً.
خلاصة
هذه الهرطقات عن وحدة الصف ليست سوى ذر الرماد في العيون. أعلم أن كلامي لن يعجب البعض، لكن لكل امرئ رأيه.