الخميس - 19 سبتمبر 2024

مرحلة جديدة في تاريخ مصر السياسي..!

منذ 3 أسابيع
الخميس - 19 سبتمبر 2024

أمين السكافي (لبنان) ||

برحيل الرئيس جمال عبد الناصر، دخلت مصر مرحلة جديدة من تاريخها السياسي المعاصر. كان نائبه، أنور السادات، الذي تحول لاحقًا إلى رئيس، قد أكمل في الظاهر ما بدأه عبد الناصر فيما يتعلق بالتحالف مع سوريا للقيام بهجوم واسع ضد الكيان الإسرائيلي واستعادة الأراضي المحتلة. بينما كان حافظ الأسد يرغب في حرب تحرير، كان السادات يسعى إلى حرب تحريك للمفاوضات، وهو ما حصل بالفعل وكاد أن يؤدي إلى نكسة جديدة.

انقسام المسارات
المهم أن طرق الرجلين افترقت بعد ذلك، حيث ذهب الأسد ليأخذ موقفًا يعبر فيه عن رفضه لوجود الكيان أو التصالح معه. من ناحية أخرى، بعد عام 1973، بدأ السادات بالدخول من باب المفاوضات، التي أوصلت إلى زيارته للكيان الإسرائيلي، وبعدها توقيع اتفاقية صلح مع إسرائيل، والتي عرفت باتفاقية كامب ديفيد. أسفرت هذه الاتفاقية عن خروج مصر كليًا من الصراع العربي الإسرائيلي، ودخولها في الحضن الأميركي، لتصبح من حلفاء الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل في المنطقة.

عهد السادات
انتهى عهد السادات بمقتله، بعد أن فتح أبواب مصر على الاقتصاد الحر المعروف بالانفتاح، مما جعل الشعب المصري أسير رغيف الخبز. عهد حسني مبارك كان قريبًا من عهد السادات من حيث المحسوبيات والوسائط وسياسة الانفتاح. ومع ذلك، يُحسب للرئيس مبارك أنه لم يقم بزيارة للكيان الإسرائيلي، وأن مواقفه كانت أفضل من مواقف الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، حيث غض الطرف قليلاً عن الأنفاق وأعاد مصر إلى الحضن العربي.

فترة محمد مرسي
بعد الربيع العربي، تولى محمد مرسي الرئاسة. كان مرسي متحزبًا للإخوان المسلمين بشكل مفرط، وكأن القوانين كانت تصدر من مكتب الإرشاد. ورغم أن الإخوان لم ينجحوا كسياسيين، إلا أن الطريقة التي تعاملوا بها مع غزة كانت جيدة.

انقلاب السيسي
بعد الانقلاب الذي نفذه العسكر في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، وما حصل في ميدان رابعة، انتُخب السيسي رئيسًا لمصر. لم يفعل أحد بمصر ما فعله السيسي بها، فقد أخرجها من القضايا العربية، واحترم تحالفاته مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وأغلق الأنفاق التي استطاع الوصول إليها. أما كرامة مصر وجيشها، فلم يكن لهما أهمية طالما أن المعتدي هو إسرائيل.

تراجع الدور المصري
مصر، التي كانت رائدة في مواقفها القومية، أصبحت لا دخل لها بما يحدث حولها. بل على العكس، تواطأت مع الكيان الإسرائيلي لحصار أهل غزة، مما تسبب في استشهاد الآلاف جوعًا وعطشًا. لم يحجم أحد دور مصر كما حجمه الرئيس الحالي. حتى أصبحت مصر مجرد ملحق للسياسات الأميركية والسعودية والإسرائيلية، بحيث أصبح بن سلمان هو من يقرر سياستها.

سؤال الوجود
أين مصر ودورها الريادي؟ وأين مصر عبد الناصر من مصر السيسي؟ للأسف، لم يعد لمصر عبد الناصر وجود في ظل هذا الأفق النصاب. أصبح الشعب المصري بمجمله متواطئًا، والشرفاء منه ليس لهم صوت. بئس الآخرة هذه الآخرة يا مصر، بدل أن تكون لك الكلمة الفصل، أضحت مجرد تابع لا يلوي على شيء.