اليمن: مديرية ملحان بمحافظة المحويت منطقة منكوبة..!
محمد علي الحريشي ـ اليمن ||
من الله سبحانه وتعالى بأمطار غزيرة على اليمن لم تشهد الوطن مثلها منذ عقو، أول مرة يعرف اليمنيون إستمرار الأمطار الغزيرة المتواصلة على مدار الساعة ليل ونهار وتستمر اكثر من شهر.
مديرية ملحان بمحافظة المحويت التي تقع في الإتجاه الغربي الشمالي من العاصمة اليمنية صنعاء هي منطقة جبلية شديدة الوعورة ومعظم سكانها يتوزعون في قرى على قمم الجبال وفي المنحدرات الجبلية، ورغم طبيعتها شديدة الوعورة والإنحدار وكبقية اليمنيين طوعها سكانها على مر الأجيال وتغلبوا على وعورتها فبنوا على سفوح جبالها المدرجات الزراعية وعلى قمم تلالها القرى المحصنة وحفروا في صخورها الصماء مدافن الذرة وخزانات حصاد مياه الأمطار.
كان إلى عهد قريب في أحد حصونها المنيعة المعلقة بين الضباب وهو حصن الأصابع الذي يتربع على أحد أعلى قمم جبال ملحان الذي لم يكن يصل اليه ساكنوه وزواره أو يتنقلون منه إلى القرى الأخرى إلا بواسطة الحبال، سمي الجبل بملحان نسبة إلى أحد أحفاد الملك حمير الأصغر (بكسر الحاء وتسكين الميم وفتح الياء وسكون الراء).
شهدت الاجزاء الشمالية من ملحان وهي عزلتي (مركزي) القبلة وهمدان يوم الثلاثاء الماضي 27 اغسطس /آب 2024 كارثة كبيرة بسبب الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي نتج عنها إنهيار عدد من الحواجز والخزانات المائية وحدوث إنهيارات صخرية وطينية دمرت عشرات القرى وهدمت المنازل على ساكنيها حيث أدي انهيار الصخور ووتدفق مياه الحواجز والخزانات المائية التي إنفجرت بالمياه من شدة غزارة الأمطار إلى إنهيار المنازل ووفاة أسر بكاملها،
كما نتج تجريف للمزارع والطرقات التي أصبحت أثراً بعد عين، كانت المنطقة توجد فيها محميات طبيعية لاشجار كبيرة عمرها ميئات السنين حافظت عليها الأجيال المتعاقبة وبعد الإنهيار الصخرية وتدفق السيول الجارفة أصبحت تلك الأشجار هباء منثورا أدي تساقط الصخور وإنهيارها وتصادمها بعضها ببعض من أعالي الجبال إلى إقتالاع الأشجار من جذورها وتناثر أو صالها وتقاذفت السيول الجارفة بأجزاءها إلى الساحل التهامي المجاور.
ماحل بملحان كارثة كبيرة وقد أعلنت السلطة المحلية بالمديرية المنطقة منكوبة، هرعت قيادة السلطة المحلية بمحافظة المحويت إلى المنطقة بطواقم الإسعاف وفرق الإغاثة، هيئة الزكاة كانت أول المبادرين بإرسال فرق الإغاثة، القتلى بالعشرات ،أسر بالكامل أبيدت تحت أنقاض المنازل وقرى دمرت.
لكن كانت هناك مشاكل تقف أمام طواقم الإسعاف وفرق الإغاثة وهي إنعدام الطرق بسبب خرابها فتم تحريك معدات الشق بسرعة،والإن الكارثة كانت كبيرة وفوق طاقة السلطات المحلية، تحركت الدولة المركزية في صنعاء أصدر رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء مهدي المشاط توجيهات وتعليمات عاجلة إلى الحكومة على لتدخل السريع لنجدة المنكوبين.
ناقش مجلس الوزراء في اليوم التالي من الكارثة في إجتماعه الاسبوعي الوضع في ملحان على رأس جدول أعماله وأصدر قراراً بتشكيل لجنة طوارىء حكومية مركزية لإغاثة المنكوبين تكونت اللجنة من عدد من الوزراء وقيادات الحكومة الذين تحركوا على الفور إلى المنطقة المنكوبة،هذه الإستجابات السريعة أدخلت الطمأنينة في نفوس المنكوبين،هناك عددد من المفقودين لم يتم وجود جثثهم، فرق الإنقاذ تنتشر في الأودية وبين الشعاب للبحث عن الجثث التي جرفتها السيول.
المجتمع اليمني هو مجتمع تعاوني ومن أهم عوامل صمود اليمنيين وتغلبهم على أكبر حرب ظالمة وحصار جائر شنها تحالف أقوى دول العالم عسكرياً ومادياً وقهرها والإنتصار عليها هو روح التعاون المتجذرة في تاريخ اليمنيين،فبعد الكارثة مباشرة هرعت الدولة إلى نجدة المنكوبين وهرع سكان المديريات المجاورة لتقديم قوافل الإغاثة.
عدد من القرى المجاورة فتحت بيوتها ومدارسها للأسر النازحة وقاسمتها لقمةعيشها
الكارثة التي حلت بمديرية ملحان بمحافظةالمحويت اخذت حيزاً ومساحات إعلامية كبيرة في مختلف وسائل الإعلام الرسمية ومواقع التواصل الإجتماعي التي تناولت أخبار الكارثة ونقلت الصور المأساوية الناتجة عنها ودعت إلى التضامن والوقوف مع المنكوبين، هذا الوعي والتضامن رفع من معنويات المنكوبين والأسر النازحة.
عندما يخرج الوزير والمحافظ والقائد العسكرية في اليوم التالي إلى موقع الحدث ويشقون طريقهم إلى القرى المنكوبة سيراً على الأقدام ويجلسون مع المواطنين البسطاء ويتلطفون اليهم ويحزنون مع حزنهم وعندما تحضر فرق الإغاثة محملة بالأفرشة ومواد الإيواء والمواد الغذائية والمبالغ النقدية، هذه المشاهد لم تكن مألوفة لدى عامة الناس في أيام عز ورخاء الدولة قبل مرحلة العدوان وفي أيام ماكانت تستغل الحكومات المتعاقبة في صنعاء لمثل تلك الكوارث والنكبات لتوجيه الدعوات إلى الدول الشقيقة والصديقة لتقيم المساعدات والإغاثات من الشرق والغرب.
كما حدث في زلزال محافظة ذمار في عام 1982 والتي كان المواطن المنكوب لايحصل الا على النزر اليسير من تلك المساعدات والبقية تذهب إلى أيادي اللصوص والفاسدين، فرغم الحصار وإنقطاع الموارد العامة للدولة،وإنقطاع الدورة النقدية.
رغم كل ذلك تحركت الدولة لنجدة المنكوبين في ملحان وقدمت الدعم السخي وقررت دفع مبالغ مالية محترمة لكل أسرة فقدت فرد من افرادها، هذه المواقف العظيمة خففت على المنكوبين من الكارثة وإمتصت هول الصدمة، فالمواطن يحس إن الدولة تخدمة وتقف بجانبه في محنته وهذا والله أنه لفضل عظيم من الله سبحانه وتعالى على الشعب اليمني الذي هيأ لليمن قيادة حكيمة تلتفت إلى المواطن وهي في مرحلة من أشدّ مراحل العدون والحصار وقلة الموارد.
لكن الله يبارك في مثل هذه الأعمال العظيمة والمواقف النبيلة لقيادتنا التي أخذت على عاتقها ليس هم شعبها فقط بل هم كل العرب والمسلمين ويشهد على ذلك المواقف العظيمة مع الشعب الفلسطيني.