المرأة..!
امين السكافي (لبنان-صيدا)
تعتبر المرأة رمزاً للعديد من الصفات الجميلة والمتنوعة، فهي الزوجة، الخطيبة، الرفيقة، الصديقة، الأم، الابنة، الأخت، الخالة، العمة، وغيرها من الألقاب والصفات التي تعكس دورها المهم والمتعدد في المجتمع.
خلق المرأة
خلق الله حواء بعد آدم مباشرة لعدة أسباب، أولها قوله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”. هذه الآية تشير إلى أهمية السكنى والمودة والراحة بين الزوجين، حيث يلجأ الرجل إلى امرأته ليشاركها تفاصيل يومه، ويستعين بها لتخفيف متاعب الحياة وهمومها. فالفكرة الأساسية من خلق المرأة هي أن تكون سكناً وراحة للرجل، وأن يجعل الله بينهما مودة وحباً وألفة وانجذاباً، وأن يكون اجتماعهما سبباً في تقوية الصلة والرحم بين العائلتين.
التحديات التي تواجه المرأة
على الرغم من هذه العلاقة السامية والمودة التي أراد الله أن تكون بين الرجل والمرأة، إلا أن الرجل، بعنجهيته وبما حباه الله به من قوة في الجسد وبكميات التستوستيرون التي يفرزها دماغه، أثر سلباً على علاقته بالمرأة من ناحية التملك والغيرة وحتى العصبية وطبعاً الشهوة. وهذا الأمر جعل من المرأة تابعاً للرجل من قديم الأزل، وكأن الله أمر بشيء ولكن الرجل اختار شيئاً آخر في علاقته بالأنثى. فعلى مر الأزمان، لا أعلم بعد آدم بكم سنة أو عقود تحولت المرأة إلى ملكية خالصة للرجل يبيعها ويهديها ويسبيها، والأبشع من ذلك أن يوأدها كما جاء في القرآن الكريم بقوله: “وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ”. وهذا الرجل الذي يبشر بالأنثى ويكره ذلك، ينسى أن هذه الرضيعة كانت يوماً ما أمه التي حملته وأنجبته وأرضعته وكبر على عينها، حتى إذا اشتد ساعده كفر بها وبما فعلت لأجله.
حقوق المرأة
للأسف، لا تزال المرأة تعاني من نقص في حقوقها وإنصافها، رغم أنها تمتلك من الذكاء والدهاء والفطنة وطبعاً الجمال ما لا يمتلكه الرجل. ولولا المرأة ما سمعنا من الرجال شعراء أو أدباء معلقات وقصائد وأبيات، ولولا المرأة ما ولد عظماء. والتاريخ يشهد لبعض النساء بمواقفهن التي تركت بصماتها في التاريخ الإنساني. فالله خلق المرأة ندا للرجل، ولكنه غلبها بقوة الجسد. ومع أنها بدأت منذ فترة بأخذ بعض حقوقها ببطء، إلا أنه لا يزال ينقصها الكثير، كالذي لم يأخذ من الدين إلى رباعية (تعدد) الزوجات وملك اليمين وغيرها.
دور الرجل الشهم
الرجل الشهم ذو الأخلاق لا يقهر رفيقة دربه ولا ينغص عيشتها بشريكة. بل يحفظ الأمانة ويصون من عاشت معه على الحلوة والمرة، ويعاملها بما أمر الله من الحب والمودة والاحترام المتبادل، ويجعلها شريكة له في كل شيء. فهذه المرأة التي كانت له السند بعد أن أخذها من وسط عائلتها، وذبل جمالها في خدمته وضاع جسدها وهي تضع له الأولاد، تستحق منه أن يكرمها ويحافظ عليها، وليس أن يذهب وراء شهوة عابرة ويبحث عن غيرها، أو أن يبقيها كخادمة له ولأولاده، أو أن يطلقها إذا رفضت وجود شريك لها. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يكرم المرأة إلا الكريم، ولا يهين المرأة إلا اللئيم، ولا يغلبن إلا الكريم، ولا يغلبهن إلا اللئيم، وأنا أريد أن أكون – أي رسول الله صلى الله عليه وسلم – مغلوباً أي كريماً، وليس غالباً أي لئيماً”.
التغيرات الاجتماعية
على مر الأيام، تتغير علاقة المرأة بالرجل، ولكن لا يزال هناك بعض العقول المتحجرة التي ترفض الحداثة وإعطاء الأنثى حقوقها كشريكة كاملة للرجل. فمنذ مائة عام، كانت المرأة لا تزال تُعامل كعبدة، فلا ترى عريسها إلا ليلة العرس، ولا رأي لها به حتى إن كان بشعاً أو قليل النظافة على نفسه، وهذا كان يكون كالاغتصاب لامرأة لا تعرف الرجل إلا بلحظتها. ولم يكن يُسمح لها بحق الاقتراع أو قيادة السيارة أو أن تتواجد في مناصب مهمة في الدولة أو الشركات.
خاتمة
إن تاريخ المرأة مليء بالظلم، ويكفي تاريخاً ملؤه الظلم لأمك أو أختك أو زوجك أو ابنتك. ولكن مع ظهور نساء قويات في مختلف المجالات في العقود الماضية بإجتهادهن وعلمهن، يمكن أن نرى مستقبلاً أفضل. ويجب أن نعمل جميعاً على إعطاء المرأة المجال الذي تستحقه، فهي قادرة على الإبداع والتميز في كل ما تُعطى الفرصة للقيام به. وأظن أنه كلما أُعطيت المرأة مجالاً أوسع، فإنها ستبرع به.
أمين السكافي (لبنان-صيدا)