وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ، وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ”..!
كوثر العزاوي ||
إنّ لدى الإنسان ميولًا متنوعة، وقد عبّر الله “عزوجل” عنها في كتابه العزيز ب«الأهواء» وإن الله يضلّ من يتّبع هواه أو أهواء غيره بدل اتباع الحق والعلم والعقل، وإنّ من سلامة الفطرة أن يجد الإنسان ميلًا إلی الحق ونفورًا من الباطل على ضوء ما أودع الله “عزوجل” فطرته في خلقه مؤكدا ذلك في قوله: «فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله» كما علاقة الأم بولدها.
فإنه ليس أمرًا تعليميًا بل فطريًا وغريزيًا، والفطرة في اللغة بمعنی”الخلقة والإيجاد من العدم” ومن هنا صار في الإنسان ميل ذاتي فطريّ إلی الدين والحق وكل أمر عقلائي، خلافًا لما يتصوره بعض الناس أتباع الهوى من أن الإنسان كالإناء الخالي يملأ بالعادات والتقاليد والأفكار حقًا كانت أو باطلًا.
وأن الأنظمة الاجتماعية، السياسية والاقتصادية هي التي تبني شخصية الفرد، مع العلم أنّ كل أنواع الميول والرغبات في السياسة والاقتصاد، والاجتماع، والعلوم المختلفة وغيرها، لا ثبات لها إذا لم تكن نابعة من الفطرة والطبيعة الإنسانيّة!
ومن هذه المقدمة القصيرة، نستطيع أن نفهم بأن لا أحد يستطيع تشخيص المصلحة الحقيقية للإنسان أكثر من خالق الإنسان الذي أحسنَ خَلْقهْ وصُنعَه وأعطى هداهُ للإنسان بشكل متميز ولباقي المخلوقات على قدر مشيئته سبحانه، {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ} طه ٥٠
وليت شعري! ما لأولئك المتلاعبين بالمفاهيم الانسانية والسماوية من وعيٍ ليحوّلوها الى مفردات خالية المعنى، جوفاء الجوهر حتى تكون سلعة رخيصة يسوّقونها كيفما كان كالنوع الاجتماعي -الجندر- ضمن حركة منظمة أُعِدّ لها مسبقًا، فترى الأحداث في تسارع والخلق في سباق كمن يريد الوصول وهو يدور حول نفسه.
وأنّ قوى الاستكبار العالمي حريصة على ضياع المجتمعات والهيمنة عِبر المنظمات الداعمة للشذوذ بمعاونة شريحة من مسلوبي الغيرة والضمير، صنّاع البرامج الهابطة والإيحاءات غير الأخلاقية بمختلف عناوينهم وبرامجهم المتهتكة رافعين شعارات رخيصة باسم الدفاع عن حرية المرأة والأسرة، والحق أنّ أهدافهم لم تنطلي على ذي لبّ ولم تخفى على ذوي المروءة، بل كلّ نعيقهم بات مسموعًا رغم حرصهم على التدليس.
ولكن ارتفع الزعيق عندما تحرّك الشرفاء في المجتمع العراقي للمطالبة بإقرار شرع الله الكفيل بتنظيم الحياة الشخصية والاجتماعية وفق أحكام المذهب الجعفري المنبثق من جوهر قوانين السماء والنهج القويم للعترة الطاهرة، قبال مشروع الشيطان الغربي” اتفاقية سيداو” قذرة المنشأ من بؤر الاستكبار العالمي، الذي يسعى طوال قرون لإفساد المرأة وتدمير الأسرة والقضاء على قيم السماء وآداب الارض وتخريبها.
نأمل أن لايُسدل الستار على إقرار قانون تعديل الأحوال الشخصية بل لابد من المضيّ والتوكل على الله وحفظ شريعة السماء من التدنيس، ومنع أولئك حزب الشيطان من دفع الناس والاجيال الى الإلحاد والفجور والوصول بهم الى مستنقع الرذائل والشبهات.
بهدف إعادة صياغتهم في قالب الشذوذ والحيوَنة، لينتج مجتمعُا خانعًا مائعًا مخنثًا لا يقوى على الارتقاء بإنسانيته، ولا الدفاع عن دينه ومقدساته، فقد بانت خططهم وفاحت نتانة مشاريعهم، بل كل شيء صار كاشف عن خطرٍ محدِقٍ بشعبنا وعوائلنا.
والتآمر واضحا جليّا، مما يجعلنا اليوم بأمسّ الحاجة الى اليقظة والحذر، والتواصي بالحق والصبر، وإعداد النفوس وشحذ الهِمم، وتظافر الجهود، والله تعالى معنا مادمنا مع الله، وهو الحقّ إذ يقول:
(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ الله بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ )التوبة ٥٢
٢٩-صفر-١٤٤٦هجري
٣-ايلول-٢٠٢٤ميلادي