الاثنين - 09 سبتمبر 2024
منذ 6 أيام
الاثنين - 09 سبتمبر 2024

مازن الولائي ||

٢٧ربيع ثان١٤٤٣هج
٣/١٢/٢٠٢١م

كان يراها عبر باطنها تلك الفتاة الجامعية النقية في سريرتها، وكان يشغله كثيرا ذكائها وحسن حرصها على دروسها، لكن بصمت ودون أن يعرف أحد من طلاب الجامعة المرحلة الثالثة هندسة، ويثيره ما يسمعه عنها في بعض جلسات الطلبة التي تطال بشكل عام أغلب البنات سلبا وايجابا، ولكن يرجع يسأل نفسه ويقرّع روحه مالك ولها؟!

وهي لا تعرفك ولا انت قدِمتَ نحوها خطوة ولو إشارة؟! ليرجع يقول وكيف اقول وانا بوضع من العوز فقط الله يعلمه؟! ثم يا أخي الا يعتبر هذا نقيض الإلتزام والتقوى عندما تفكر بامرأة لا رابط لك معها؟! ليلتهب قلبه نارا خوف الذنب والوقوع بالحرام!

ويرجع يبرر ولكن أراها مناسبة لي رغم عدم معرفتي بها بشكل جيد وبأهلها رغم وجود علامات مثل حجابها الأنيق والبهي في زمن اللا حجاب! صراع أهل الحذر وقتال أهل المعنى.. حتى انتهى إلى قرار الصمت وترك الأمر لصاحب الأمر والمطلع على النوايا، فصار بدل الركعتين قبل النوم كل ليلة، صار يصلي تمام صلاة الليل وبخشوع يراها حلمًا يعيشه من صراع على شريك حياة يراه منذ ثلاث سنوات أمامه يضعه تحت الاختبار.

حتى صار موعد “قبيل الفجر”، كلمة في جوانحه يردّدها كلما طرأ له هاجسًا في جوانحه يزعجه! وفي مرة ذكر أمام صديق له أخبره عن مشكلة مع الإدارة فرد قائلا “قبيل الفجر نلتقي” وهي العبارة التي حقّقت له رصيد من الثقة في أن تلك اللحظات قبيل الفجر فيها كنز وبنك الحلول..

المرحلة الدراسية الاخيرة على وشك أن تنتهي! فقرر بعد جهد من الحياء والتردّد أن لا يجعل وسيط بينها وبينه، ممكن أن لا يحسن الوساطة، فعزم يوم الخميس أن يكلّمها، وقد وافق ذلك اليوم ذكرى مولد أحد المعصومين “عليهم السلام”، فتوكل على الله “سبحانه وتعالى”.

وبينما هي جالسة في حديقة الجامعة الجميلة، أخذته رجلاه نحو مجلسها وهو المعروف عنه قلّما يلتقي بفتاة ولو التقى لا يكون وحده قط! ولما صار بضع امتار بينهما اقترب بكل أدب وسلّم عليها باحترام ووقار وإجلال، وهي كذلك قامت من محلها تحيّيهِ بكامل حجابها المعنوي، وطلب منها الحديث لأمر مهم! الغريب وجدها غير مندهشة كما توقّع ولا متفاجئة!

فقال: أنا يا أخت زهراء لي طلب محدّد بعد أن أخبرك عن وضعي العائلي، والمعاشي، والاجتماعي والقرار لك..وأنا بكل احترام أريدك على سنة الله تعالى ورسوله بعد متابعة لك ومنذ ثلاث سنوات ولله الحمد، فردّت بكل حياء: أنا اشكرك على حسن أدبك وسمو الألفاظ وجوابي: لو سألتني منذ العام الأول لنا.. لقلت لك “عند قبيل الفجر نلتقي”.

أصابته الدهشة والصدمة لبرهة، ثم قال: وكيف ذلك؟ قالت: بعد النصف الأول من المرحلة الأولى، كانت هناك ندوة فكرية كنت انت مشارك فيها ولك كلمة كانت رائعة وتداخل فيها الكثير عن الدور القيادي لفقهاء العراق وقد تناولت كلمات السيد محمد باقر الصدر قدس سره بعد أن صفق لك كل الموجودين في قاعة الندوة.. حمد الله سبحانه وتعالى على نعمة ربط القلوب عند سلسلة قبيل الفجر ..

“البصيرة هي ان لا تصبح سهمًا بيد قاتل الحسين يُسَدَّد على دولة الفقيه”
مقال آخر دمتم بنصر ..