الاثنين - 09 سبتمبر 2024
الاثنين - 09 سبتمبر 2024

محمد مكي ال عيسى ||

 

قبل أن أخرج مبكراً صباح يوم الجمعة لحضور محاضرة في بيت أحد المؤمنين ، وضعت في جيبي خمسة عشر ألف دينار احتياطاً فلم يكن في بالي أن أشتري شيئاً .
وصلت الى بيت صاحبي قبل الوقت وبدا لي أنه لم يكن مستعدّاً بعد حيث طرقت الباب فلم يفتح لي ، حاولت الاتصال به فوجدت رصيد الهاتف قد نفد ولا أستطيع الاتصال بأحد فتوجهت لأقرب دكان واشتريت منه رصيداً بعشرة آلاف دينار وعدت لبيت صاحبي .

وبعد انتهاء المحاضرة وأثناء خروجي من بيته وصلتني رسالة من الأهل تبيّن أن هناك احتياجات بسيطة للبيت عليَّ أن أشتريها بطريق عودتي ، خمّنت كلفة الاحتياجات فوجدتها لا تتجاوز الخمسة عشر الف دينار فتوجّهت لأحد المحلّات وقد نسيت أن ما في جيبي أقلّ من خمسة ألاف دينار.

اشتريت المطلوب وكان مبلغ الشراء لا يتجاوز الخمسة عشر ألف دينار كما خمّنت ومددت يدي في جيبي لأدفع المبلغ فوجدت كارت الرصيد المستعمل مع آلاف قليلة وهنا تذكّرت بأني صرفت ما في جيبي ولا أملك المال الكافي فابتسمت بخفاء ضاحكاً على نفسي لنسياني وتداركت الأمر سريعاً.

فقلت لصاحب المحل وهو غريب لم أعتد الشراء منه : ” عفواً أخوية راح أخلّي أغراضي هنا وأرجع عليها بعد شويّة “.

خرجت من المحل ودخلت عند المحل المجاور وهو محل صديقي حسن
فقلت له : أبو أحمد محتاج أن تداينني مبلغ . . . .
وإذا بصرخة من ورائي : ” والله ما تأخذ من حسن ولا فلس . . . ليش تأخذ من حسن ومنّي ما تأخذ . . قابل آني غريب ؟!”

فوجدته صاحب المحل الذي تركت عنده مشترياتي قد لحق بي وهو يحملها ويلحّ عليَّ أن أعود للبيت ومعي ما اشتريته وأدفع له المبلغ في وقت آخر ولا آخذ من صديقي أي شيء لأدفعه له.

وهنا تذكّرت زيارة الأربعين العظيمة بعطائها وحمدت الله أنها تربّينا في كلّ سنة على جملة من الأخلاق الّتي لا تتمكّن الكتب والمحاضرات من أن تغرسها في نفوسنا . . تلك الزيارة أصبحت لؤلؤة متوهّجة تضيء في جبين العراق لتعلن عن مستقبل هذا البلد ليكون كعبة آمال المشتاقين وملاذ المظلومين وعاصمة لدولة الحق المبين.