مريض بحاجة الى عملية جراحية فوق الكبرى..!
قاسم العجرش ||
كشعب حي ضارب الجذور في عمق التاريخ، لا نعدم وسائلا وسبلا لتصحيح مسارات التاريخ، حينما تنحرف تلك المسارات, وتكون عمليات التصحيح ضرورية جدا، وحينما يتعلق الأمر باستمرار مسؤولياتنا، في رفد الإنسانية بعناصر الحضارة.
ترك لنا التاريخ نماذج رائعة؛ لعمليات في مواجهة المشكلات، ما زالت شاخصة وتنبض بالنتائج، سواء على صعيد الممارسات، أو على صعيد التنظير، تلك النماذج يمكننا المقايسة عليها، وإعادة أنتاجها واستخدامها، في حل المعضلات التي نواجهها في زمننا هذا.
إن الممارسة السياسية؛ طيلة السنوات التي تلت سقوط نظام القهر ألصدامي، قد اكتنفت على أسلوب اقتضته المرحلة الأولى، من ممارسة الحكم وإدارة الدولة بُعَيد التغيير، وهو أسلوب الصفقات السياسية، ويتعين الاعتراف أن تعقيدات الساحة السياسية في تلك المرحلة، قد اقتضت ذلك الأسلوب، لكنه مع الأسف؛ أسلوب تحول الى منهج شبه دائم في العمل السياسي، وترسخ يوما بعد يوم، وبات الخروج منه عصيا، على الرغم من مساوئه والمشكلات التي تتناسل عنه .
نعرف كما يعرف شعبنا؛ أن الذين يرغبون باستمرار هذا الأسلوب، وتحوله الى منهج دائم، إنما يرغبون به لأنه يحقق لهم مزايا ومنافع ومكاسب، يعجزون عن تحقيقها بالطرق الديمقراطية الشرعية.
إن الفترة القريبة المنصرمة، شهدت حراكا خارج نطاق حركة التاريخ المنطقية، ومن سوء طالع العراق والعراقيين، أن عددا كبيرا من أبناءه، كانوا يفكرون ويتصرفون خارج منطق التاريخ، ومن سوء طالعه أيضا أن الحال قد وصلت؛ إلى حد لا يمكن معها إلا القيام بمعالجة كبرى، للخروج من الخانق الضيق، الذي وجد فيه الوطن بمواطنيه نفسه فيه، جراء تراكم الأخطاء التي ارتكبتها قوى وأفراد، أضرت بالبنية الوطنية، وتركت آثارا لا يمكن تجاوزها، بجراحات تجميلية أو ترقيعية.
ثمة من يدعوا الى تجاوز المشكلات، لكن القفز على المشاكل لا يحلها بل يؤجلها، بلحاظ أن مستوى التنافر المجتمعي، وضع الوطن أمام مفترق طرق أسهلها مر، ما يستدعي علاجا خاصا، و الى عمليات جراحية فوق الكبرى، أي خارج نطاق العلاجات الاعتيادية، سيما أن الحكومة والبرلمان؛ يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى في حل المشكلات، وكما هو بائن فإن القوم ليسوا عابئين بمستقبل العراق..
إن التردد؛ وإن كان يفلسف كما يدعي المترددين، على أنه نابع من استناده على مصلحة وطنية، لكنه ليس كذلك قطعا، فمسيرة العمل السياسي في العراق، تؤشر أن عديد من القوى السياسية المتصدية، لا تضع المصالح الوطنية في مقدمة اعتباراتها دوما، ولو كانت كذلك لما وجدنا أنفسنا في وضع مرتبك، فيه ما إن نخرج من مشكلة، حتى نرتكس في أخرى، بسبب المصالح الضيقة سياسيا وشخصيا وفئويا.
كلام قبل السلام: شركاء الضحك ليسوا كشركاء البكاء..!
سلام…