بين النهج الأموي والصهيوني: ثقافات دخيلة تشمت بالشهداء والمقاومة
د. عامر الطائي ||
في تاريخ الأمة الإسلامية، برزت مدارس فكرية متعددة، تركت آثارها في بنية المجتمعات والتوجهات الدينية والسياسية. ومن بين تلك المدارس، تبرز المدرسة الأموية في الشام التي لم تكن مجرد امتداد لحكم بني أمية بل كانت حاضنة لأفكار وتوجهات تسللت إلى مفاهيم الإسلام الحقيقية.
تلك التوجهات لا تقتصر على تحريف العقيدة فحسب، بل تتجاوز إلى تبني أنماط عدائية تتلاقى مع نهج الصهيونية في التطاول على الشعوب المقاوِمة واستهداف قيمهم وكراماتهم.
يتجلى هذا الانحراف في مظاهر التشفي والشماتة بجرحى وشهداء المقاومات الإسلامية، ولا سيما شهداء الشباب اللبناني وشهداء حزب الله الذين وقفوا صفاً واحداً في مواجهة المشروع الصهيوني وأدواته. تلك الشماتة ليست مجرد تصرفات فردية أو نزعات شخصية، بل هي نتاج لثقافة مغروسة،
تمتد جذورها إلى العهد الأموي، حيث قُلبت المعايير الأخلاقية والدينية لتصبح القوة والتسلط معياراً للحق، على حساب العدالة والرحمة.
إن هذه المدرسة التي انبثقت من روح استبدادية، تعاملت مع قضايا الأمة بمنطق الفتح والغلبة، وغيبت القيم الإنسانية والإسلامية التي يدعو إليها القرآن والسنة. واليوم، تتجلى هذه الروح في مواقف من يشمتون بمن يقدم حياته دفاعاً عن الأرض والعرض، هؤلاء الذين يُقتلون وهم يواجهون الكيان الصهيوني الذي لم يتوانَ يوماً عن قهر الشعوب واغتصاب حقوقهم.
النهج الصهيوني، الذي يجمع بين الإقصاء والعنف، يجد له صدى في هذه الثقافة الأمويّة الحديثة التي ترى في تدمير الآخر نجاحاً وفي الموت والخراب انتصاراً.
لذا، نجد أن التشابه بين المدرسة الأموية والصهيونية ليس صدفة تاريخية، بل هو تلاقيٌ طبيعي بين مشروعين يقتاتان على القمع والتشفي من المقاومة.
ما أحوج الأمة اليوم إلى مراجعة هذه التوجهات الدخيلة التي تتغذى على الأحقاد والطائفية، وتوجيه البوصلة نحو الوحدوية التي تنطلق من قيم الإسلام الحقيقية، تلك التي تجمع ولا تفرق، والتي تكرم الشهداء وتنتصر للمظلومين.
إن استعادة الهوية الإسلامية الأصيلة تتطلب التخلص من إرثٍ ثقيل زرعته عصور من الاستبداد والانحراف عن المبادئ السماوية. لا بد من إدراك أن أي مشروع يشمت بالشهداء ويستهزئ بالمقاومة،
إنما يعلن انتماءه لمدرسة دخيلة لا تمت للإسلام بصلة، بل تتماهى مع العدو الصهيوني الذي هو العدو الحقيقي لكل الأمة.