استراتيجية الصمت: كيف أدار حزب الله لعبة الانتظار لتحقيق مكاسب كبرى ضد إسرائيل

موسى الموسوي ||

٢٢-٩–٢٠٢٤
تأخر حزب الله في الرد على العدو الإسرائيلي يحمل دلالات استراتيجية دقيقة وحسابات أمنية وعسكرية معقدة، تجلت مكاسبه الرئيسية في عدة نقاط مهمة:

1. تأمين جبهة داخلية متماسكة: نجح حزب الله في توحيد قاعدته الشعبية، مما يضمن له دعمًا داخليًا صلبًا عند اتخاذ أي قرار عسكري مستقبلي. التماسك الداخلي يعد سلاحًا استراتيجيًا بالغ الأهمية في أي صراع مسلح، ويعزز من قدرة الحزب على اتخاذ خطوات محسوبة دون الخوف من تفكك داخلي أو ضغوط محلية.

2. تفادي توحيد الإسرائيليين خلف حكومتهم: حزب الله يدرك أن أي رد عنيف قد يوحد الإسرائيليين خلف حكومتهم المنقسمة، وهي خطوة خطيرة من الناحية الاستراتيجية. في الوقت الحالي، تعاني الحكومة الإسرائيلية من أزمة داخلية كبيرة وعدم تأييد شعبي واسع لسياساتها. تجنب الرد السريع يمنع الحكومة الإسرائيلية من الاستفادة من الصراع كوسيلة لتوحيد الصف الداخلي وتخفيف الضغوط السياسية المحلية.

3. الحفاظ على السخط الغربي تجاه إسرائيل: استراتيجية التأخير تساهم في الحفاظ على زخم الاحتجاجات الغربية ضد السياسات الإسرائيلية، خصوصًا بعد المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين. حزب الله يسعى لتجنب إعطاء إسرائيل فرصة للترويج لنفسها كضحية تتعرض للاعتداء، مما قد يقلب الرأي العام الغربي لصالحها في ظل حالة التعاطف المستمرة مع القضية الفلسطينية.

4. إضعاف الروح المعنوية الإسرائيلية: هذا التريث يساهم في إضعاف الروح المعنوية لدى الإسرائيليين، الذين يرون أن حكومتهم تدفعهم نحو حرب غير مضمونة النتائج ولا تحظى بتأييد شعبي. كما أن استمرارية التوتر دون تصعيد كبير يدفع بالمواطن الإسرائيلي إلى التساؤل عن جدوى هذه الحروب المستمرة، مما يعزز من حالة الإحباط واليأس.

5. إدارة التوقعات الدولية: من خلال هذه الاستراتيجية، يقدم حزب الله رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل، بأن الرد لن يكون مجرد استعراض قوة، بل سيكون مدروسًا ويهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية وسياسية محددة، مما يضع مزيدًا من الضغط على إسرائيل وحلفائها.

بالمجمل، فإن تأخر حزب الله في الرد يعكس استراتيجية متعددة الأبعاد تهدف إلى استنزاف العدو نفسيًا وسياسيًا، وتحقيق مكاسب أكبر على المدى الطويل من مجرد رد عسكري سريع.