الاثنين - 14 اكتوبر 2024

ما بين الأمس وقبل الأمس..!

منذ 3 أسابيع
الاثنين - 14 اكتوبر 2024

منهل عبد الأمير المرشدي ||


ما قبل الأمس لم يكن يوما ككل الأيام ..أمس مضى وقد وجدتني فيه حزينا اشكوا بؤس حالي ورتابته وكأن جل مشكلتي ومصيبتي وسبب حزني وتعاستي قد تلخص وأوجز واختزل في يوم ما قبل الأمس . كان ليس ككل الأيام بل لا يشبه الزمن.

كأنني لأول مرة في أمة فقدت ذاكرة امها ويومها وغدها .

ارى الناس غير الناس..

وجدتني اخاطبني فلا اعرفني !!

ربما وجدتني ابصر كالحديد وادرك القريب والبعيد فكل ما حولنا ومن كانوا كما هم في ذواتهم التي لم نكن نبصرها او ندركها او نفهمها او ربما كنّا نتجاهل عن عمد حقيقتها فننسى أو نتناسى ما عرفناه فيها او بان لنا منها. لم يكن يوم أمس أمسا عابرا او مثلما هو في التقويم رقما وكتابة.

لم يكن يوما فحسب على الرغم من أنه يدل على انه يوما بكل المقاييس والتقاويم على اختلاف اسمائها والوانها واشكالها وازمانها..

لكنه لم يكن مجرد يوم في التقويم . لا ليس كذلك ابدا.

يوم أمس أعاد بذاكرتي العليلة الى الماضي البعيد، بكل افراحه واحزانه واحلامه وفنونه وجنونه وعشقه وبؤسه وليله واوقات الفجر فيه وما قبل السحر .. ..

انه استفزني لأبحث عن ما تبعثر او تلاشى من خصائص اوراقي وذكرياتي وأنين آهاتي وحيثما وجدتني في زمن التدليس والتغليس .

لم أجد في كل أيام حياتي أمسا مثل الأمس ولا شبيه له في ذاكرتي المتخمة بالأفكار والاراء المتعبة بضجيج الصدى المثقلة بضباب البحث عن المجهول .

وجدتني لم افهم مني شيئا بل زادني ما سمعته مني حيرة من أمري وخوفا عليّ ولهفة لأن اعرف ما بي وما حصل لي قبل يوم الأمس وما واجهته فيه وما دعاني لأن أؤرخه وأكتب عنه وأحفظ له مكانه في خزانة اوراقي المكسور قفلها المنهوب ارثها المستباح سّرها المرفوض جلّها المطعون بها المكنون معناها المجهول فحواها المشهور نجواها بما فيها من ترادف القياس وكثرة الجناس وفطرة الاحساس على الرغم من آلام القرح وتداعيات الشرح واصبع يلامس نزف الجرح.

قلت لي دعك من كل هذا وما سواه ولا تشغل بالك في ما لا تدرك مغزاه فأنا وانت لم نعد نعرفنا او ربما من حيث نعلم او لا نعلم لم نعد نملكنا وها نحن نعاندنا ونشاكسنا ونجادلنا من دون ان نحدد نقاط البحث او جدول اعمال الجلسة او طبيعة النقاش المعلن في الخلسة .

قلت لي مهلا فها انت تأخذنا بعيدا عن لب المشكلة وسبب العلّة وكنه النزال وعنوان المقال فموضوعنا شفاف صريح واضح الرواية معروف الكناية معلوم البداية مجهول النهاية .

قلت لي لا كل ما يكتب يصلح ان يغدو مقال ولا كل ما يعرف يقال .

لا كل ما نبصر يراه الآخرون ولا كل ما يبصره الآخرون ممكن ان نراه .

اجبتني لا كل غصن سقيته الدمع شهدا واطعمته النبض روحا كان مثمرا اوطيبا فلا كل من جد وجد ولا كل من زرع حصد ودعني أطاردني عسى ان الحق بي او اعثر على ما تبقى من صدى همسي بيني وبين نفسي وما قبل أمسي . .