المحلل السياسي ندوب على وجه التخلف..!
حسام الحاج حسين ||
ينطلق التحليل السياسي الحقيقي من ثلاثة اسئلة يجب الأجابة عليها .
الأول : تعريف الحدث ( ماذا يحدث ) . ؟
الثاني : اسباب الحدث (لماذا يحدث ).؟
الثالث : مستقبل الحدث ( ماذا سيحدث ).؟
إن التحليل السياسي يعتبر فرع من فروع النظريات السياسية، والتي تعتبر بدورها فرعا من فروع العلوم السياسة. وبغض النظر عن كون مادة التحليل السياسي مادة اختيارية ، إلا أنها تدرس كمادة متقدمة على مستوى كل من الدراسات الجامعية والعليا في العديد من الجامعات العالمية
ورغم انها أختيارية لكنها تخضع للقوانين العلمية .
فالمحلل السياسي يجب ان يلتزم بقواعد التحليل وان يمتلك ادوات التحليل وان يتخصص في التحليل من اجل الأستفادة من قبل المتلقي..!فالنماذج المتوفره لدينا يتحدث في كل شيء . الأقتصاد والأجتماع ويقفز الى العلاقات الدولية والقضايا الأقليمية والمحلية والعالمية . واحياننا يتحول الى مختص في علم النفس وفن الطبخ والأندية الرياضية ، خاصة اذا كان مقدم او المقدمة بمستوى غباء المحلل نفسه .
حيث تعج القنوات بهم . لاضوابط و لامعايير ولامهنية . عبارة عن تكتلات فئوية منحازة الى فكرة او حزب او شخصية سياسية فاسدة . في البرامج السياسية ،
تعلو الأصوات بالمشاجرات والسب والقذف والشتم وبعضهم يهدد بالقتل ويرهب الخصم كونه يدافع عن زعيم ميليشيا فاسد او ينتمي الى جهة مدججة بالسلاح ..!
وبعض الحوارات تاخذ منحى طائفي حيث تخرج عن السيطرة ، ويستحضر الطرفان الماضي من خلال تمزيق التاريخ . حتى اصبح التحليل السياسي فارغ من المحتوى وهو اقرب الى حديث الباصات ووسائط النقل .حيث تسمع من المحلل على التلفاز هو نفسه ماتسمعه من البائع او الميكانيكي او اي صاحب مهنة أخرى في الشارع .
هذا النوع من التحليل يسمى ب ( التحليل السياسي الشعبوي )
هذا النوع من التحليل السياسي هو الرائج والمقبول . حيث انها من الناحية العلمية لاتحتاج الى مختص
وكثيرا من التجار والضباط المحالين على التقاعد وبعض المهن الأخرى تحول الى محلل سياسي . وبطبيعة الحال لايمكنهم ابدا ان يتعرف على الظاهرة السياسية ، او يعطي وصف وتقييم لحدث ما او يمتلك ادوات القياس للمتغيرات الطارئة ،
في هذا المقال انا لا اعمم ابدا . نعم هناك قلة مثقفة واكاديمية تمتلك الخبرة والأدوات للتحليل السياسي .
لكن الصوت الأعلى هو للمتحزبين والمنحازين والمتطرفين ولاوجود للمعتدلين او المنصفين او المستقلين بين هؤلاء .
والسبب في ظهور هذا النوع من التحليل السياسي الشعبوي هو العناصر الحاكمة .ومن ابرزها الأستبداد و الظلم والخوف والتخلف الثقافي والطائفية والأنحياز العرقي والقومي .
ومن سمات هذه النوع الشعبوي هو تحليل بالأمنيات والأحلام على طريقة العرافين والمشعوذين .
ايضا التحليل من اجل ارضاء العقل الجمعي ، لذلك لايستطيع ولن يستطيع ان يخرج من دائرة التخلف وان يحلل باأمانة لانه منتج من منتجاتها المشوهة ..!فهو يحلل للجمهور المتحيز والذي هوه خرج من بيئتها . ويدافع عن الفكرة حتى لو كانت منحرفة و فاسدة ..! تجردت الحياة العامة من المعايير الأخلاقية والقييم وواصبح الفساد والضمير مترهلان جدا،
ولايمكن المعالجات لا بالعلم ولا بالمنهجية، فقط لغة التطبيل والتصفيق والتهليل هي السائدة، فأنتجت عقولا مدمّرة تؤمن بنظريات المؤامرة بل وتروجها، وتتهم من ينكرها بالعمالة والتطبيع أي إن (( الداء استحكم حتى ظن المريض أنه البرء المفقود، وحلت العلة محل البراءة حتى ظنّ العليل أن هذا هو المذاق الأصيل وسواه دَخَلٌ منكورٌ! )) كما يقول الشاعر .
مدير مركز الذاكرة الفيلية