الاثنين - 14 اكتوبر 2024

بيان مكتب سماحة السيد السيستاني ازاء لبنان: لماذا الدعوة لتأمين الاحتياجات وليس إلى الجهاد؟

منذ 3 أسابيع
الاثنين - 14 اكتوبر 2024

د. جواد الهنداوي ||


أصدر مكتب سماحته البيان، اليوم ،2024/9/23 ، ووصف البيان ما تقوم به إسرائيل في لبنان عدوان غاشم وأساليب وحشيّة، وعبّرَ عن تعازيه ومواساته لذوي الشهداء، ودعواه بالشفاء للجرحى، كما عبّر عن تضامنه مع الشعب اللبناني، واهّم ما جاء فيه هو :

أولاً ، المطالبة ببذل كل جهد ممكن لوقف العدوان، والمطالبة هنا جاءت عامة وموجهّه للجميع سواء افراد او جهات حكومية، وأول جهة حكومية استلمت وردت على هذه المطالبة هو الحشد الشعبي، حيث أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي بالبدء بتسخير كل الامكانيات المتاحة من أجل تلبية إحتياجات الشعب اللبناني. ولا نستبعد أن تبذل الحكومة العراقية مساعي سياسية، في إطار عمل عربي مشترك أو لدى الامم المتحدة من أجل وقف العدوان.

ثانياً، دعوته إلى المؤمنين ببذل الجهود من اجل تخفيف معاناة الشعب اللبناني و توفير احتياجاته الإنسانية .

البيان واضح وصريح هو ليس دعوة إلى الجهاد، بقدر ما مطالبة من المقتدرين بوقف العدوان ودعوة إلى المؤمنين بالسعي لتخفيف معاناة الشعب اللبناني و توفير احتياجاته الإنسانية . وقد استنفر الشعب العراقي بكل مكوناته، وخاصة المواكب الحسينية ،من أجل توفير احتياجات الشعب اللبناني، وخاصة المواطنين المتضررين ، وقد بدأوا فعلاً بإرسال المساعدات .

يتساءل ربما البعض ،لماذا لم يتضمن البيان دعوة إلى الجهاد؟

الجميع يعلم بالدعوة التي أصدرها سماحة السيد السيستاني في ٢٠١٤/٦/١٣، للجهاد الكفائي، حيث طالب العراقيين التصدي إلى عصابات داعش الإرهابية، والتي احتلت حينها مدينة الموصل ومدن وقرى اخرى ليست بعيدة عن العاصمة بغداد، وكانت الدعوة الجهادية بمثابة إعلان انتصار وطني وتعبوي، تلاه بأيام انتصار عسكري على عصابات داعش الإرهابية.

الوقائع والظروف حينها ، والتي تخصُّ العراق، استوجبت دعوة الجهاد الكفائي: ظروف و وقائع تختلف كثيراً عن ما يشهده لبنان ، مما يجعل ايّة دعوة او مطالبة بالجهاد تصطدم بمعوقات كبيرة، و تصبح غير عملية و خارج وسع المواطن و الدولة ،فما هي هذه المعوّقات ؟

أولاً ، الحرب الدائرة بين الكيان المحتل وحزب الله هي قصف جويّ متبادل بالمسيرات و الطائرات والصواريخ ، لم ولن يجرأ الكيان بالإقدام بغزو بري للبنان ، الامر الذي يجعل لبنان و الجنوب بحاجة الآن إلى دعم بالاحتياجات ، وليس بالمقاتلين

ثانياً، ان حزب الله ليس بحاجة إلى مقاتلين ، و قد قالها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في اكثر من خطاب ،بان للحزب وللمقاومة في لبنان ما يكفيها من العتاد و الرجال ، وقادرة على التصدي للعدوان و الانتصار ،وليست بحاجة إلى ان تدخل ايران او طرف آخر الحرب دفاعاً عن المقاومة .

ثالثاً ، يدركُ تماماً سماحة السيد السيستاني الابعاد الاقليمية و الدولية ، ومعوقّات الحدود للحرب الدائرة .

كما يدرك و يتوقع ان تتظافر جهود اممية و دولية و عربية لايقافها ، والحيلولة دون استمرارها و توسعها .

رابعاً ، يمكن ان أفسّر البيان هو دعوة للجهاد ،ولكن ليس بالسلاح ، وانما بتوفير كل وسائل الإغاثة و الاحتياجات الإنسانية للبنان وللشعب اللبناني .

وهي دعوة قد تناسب ظروف و معطيات المرحلة ، ولا تحول دون الاجتهاد الشخصي لكل مواطن بتفسيرها والعطاء وفق ما يراه من تفسير .

*رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات
و تعزيز القدرات / بروكسل.