الاثنين - 14 اكتوبر 2024

“التاريخ يعيد نفسه: من الإمام الخميني إلى السيد نصرالله، استشهاد القادة وديمومة المقاومة”

منذ 3 أسابيع
الاثنين - 14 اكتوبر 2024

موسى الموسوي ||

في مسار الصراع ضد القوى الاستعمارية والإمبريالية، تظهر حروب القادة العظام كأمثلة ملهمة على التضحية والمقاومة. بين الإمام الخميني (قدس سره) في حربه ضد النظام البعثي العراقي بقيادة صدام حسين ، وبين السيد حسن نصرالله في مواجهته المستمرة مع الكيان الإسرائيلي، يبرز تشابه كبير في التحديات التي واجهها كلا القائدين، خاصة في استشهاد عدد من أبرز قياداتهما في الخط الأول.

أولًا: الإمام الخميني واستشهاد القيادات في حربه ضد صدام

في فترة حرب الثماني سنوات التي قادها الإمام الخميني (قدس سره) ضد نظام صدام حسين المدعوم من الغرب، قدمت الجمهورية الإسلامية في إيران تضحيات هائلة، وكان من أبرزها استشهاد عدد كبير من القيادات المؤثرة في الخط الأول من جبهة القيادة الإيرانية.

1. استشهاد القادة في الثورة: قبل الحرب العراقية الإيرانية، كانت الجمهورية الإسلامية قد شهدت استشهاد العديد من القادة الرئيسيين في الثورة الإسلامية، بمن فيهم محمد بهشتي ومحمد جواد باهنر ، الذين اغتالهم عملاء معادون للثورة. هذه الخسائر كانت مؤلمة، ولكنها لم تؤثر على استمرار الثورة أو على قرار الجمهورية الإسلامية في المقاومة.

2. حرب الثماني سنوات: الحرب التي فرضت على إيران من قبل صدام حسين شكلت تحديًا كبيرًا للجمهورية الإسلامية. استشهد العديد من قادة الحرس الثوري الإيراني وضباط الجيش خلال الحرب، وكان لكل استشهاد أثره الكبير في تعزيز الروح القتالية والإصرار على مواجهة العدوان الخارجي.

3. تضحية الخط الأول: استشهاد هؤلاء القادة في الخط الأول من الحرب لم يضعف قيادة الإمام الخميني ، بل عزز موقفه في المواجهة ضد صدام حسين وحلفائه. تمسك الإمام بمبادئه وواصل قيادة البلاد حتى الانتصار. هذه التضحيات كانت دليلاً على عمق الاستعداد للشهادة في سبيل الدفاع عن الأرض والعقيدة.

ثانيًا: السيد حسن نصرالله واستشهاد القادة في حربه ضد إسرائيل

اليوم، وبعد عقود من الصراع مع إسرائيل، نجد أن السيد حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، يواجه نفس التحديات التي واجهها الإمام الخميني، حيث تشهد المقاومة اللبنانية استشهاد العديد من قياداتها في الخط الأول خلال المواجهات مع الكيان الإسرائيلي.

1. استشهاد القادة في الخط الأول : منذ تأسيس المقاومة اللبنانية، استشهد عدد كبير من القادة البارزين في الخط الأول، مثل عماد مغنية ومصطفى بدر الدين ، الذين كانوا يمثلون رموزًا رئيسية في قيادة العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ورغم هذه الخسائر، استمر حزب الله في تطوير قدراته، ولم تتوقف مسيرة المقاومة.

2. الحرب مع إسرائيل : المواجهة المستمرة مع إسرائيل والتي تشمل استهداف القيادات والكوادر العسكرية الرئيسية، تعد استمرارًا لما عاشته إيران في حربها مع العراق. الاستشهادات في صفوف المقاومة، سواء من القادة العسكريين أو المفكرين السياسيين، لم تؤدِ إلى إضعاف الصفوف بل أدت إلى مزيد من التلاحم وتعزيز الموقف القتالي.

3. تضحية القيادات وتعزيز الروح القتالية : في كل مرة تسقط فيها شخصية قيادية، يرتفع صوت السيد حسن نصرالله مؤكدًا أن هذه الدماء الطاهرة تعزز عزم المقاومة . هذا النمط من القيادة، الذي رأيناه أيضًا مع الإمام الخميني، يظهر أن استشهاد القادة ليس نهاية للمسيرة بل هو قوة دفع جديدة للمقاومة.

ثالثًا: العدو نفسه، الغرب العميل

كلا القيادتين واجهت عدوًا يمثل العميل المباشر للغرب. في حالة الإمام الخميني ، كان صدام حسين مدعومًا بشكل مباشر من الغرب والدول الكبرى . صدام كان يستخدم كل الوسائل الممكنة لإضعاف الثورة الإسلامية وقمعها، وكان يمثل خط الدفاع الأول عن المصالح الغربية في المنطقة. الحرب كانت جزءًا من خطة أكبر لمحاولة احتواء إيران وإضعاف ثورتها الوليدة.

من ناحية أخرى، السيد حسن نصرالله يواجه اليوم إسرائيل ، الدولة المدعومة بشكل علني وسخي من الولايات المتحدة والدول الغربية. إسرائيل تمثل أيضًا أداة رئيسية لتحقيق المصالح الغربية في المنطقة، وهي تحاول عبر حملاتها العسكرية المتكررة القضاء على المقاومة اللبنانية ومنع توسع نفوذها.

رابعًا: المقاربة في القيادة والتضحيات

ما يربط بين الإمام الخميني والسيد حسن نصرالله هو القيادة الثورية الصلبة التي ترفض التنازل أو الخضوع للضغوط الخارجية. كلاهما أدركا أن التضحيات ضرورية في طريق المقاومة، وأن استشهاد القادة هو جزء من المعركة.

1. القيادة المرنة : رغم الخسائر الكبيرة التي عانى منها كل من حزب الله والجمهورية الإسلامية، لم يتأثر نظام القيادة في أي منهما. على العكس، كانت القيادة أكثر صلابة ومرونة في مواجهة العدو. كانت الخسائر فرصة لتعزيز القدرات وتجديد الرؤية.

2. التضحيات كرمز للصمود: في كلتا الحالتين، استشهد القادة الأوائل، ولكن الرد لم يكن التراجع. بل على العكس، كانت تضحيات هؤلاء القادة سببًا في تعزيز المعنويات وإظهار عمق الالتزام بالمقاومة ضد قوى العدوان.

الخلاصة: التاريخ يعيد نفسه

في النهاية، يظهر التاريخ أن التحديات التي واجهها الإمام الخميني في قيادة الثورة الإسلامية هي نفسها التحديات التي يواجهها السيد حسن نصرالله اليوم في قيادة المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي. استشهاد القادة في الصف الأول من كلا الحركتين لم يكن سببًا للتراجع، بل كان مصدر قوة وصمود للمقاومة. القيادة الثورية، التي ترفض الاستسلام وتتمسك بالمبادئ حتى في أحلك الظروف، تظل قوية ومتجذرة في وجدان شعوبها.

استشهاد القادة هو تضحية عظيمة ، ولكنه أيضًا دليل على قوة القضية التي يدافع عنها هؤلاء الرجال، ودليل على قدرة الشعوب على مواصلة الكفاح حتى بعد فقدان رموزها. المقاومة ستستمر، وما بدأه الإمام الخميني وما يواصله السيد حسن نصرالله هو مسيرة لم ولن تتوقف حتى تحقيق الانتصار.

انتهى .