ذكرى قادسية العار..!
نعيم الخفاجي ||
في مثل هذه الأيام، مرت علينا، ذكرى ارتكاب جريمة صدام جرذ العوجة وعارها، حماقته في إشعال حرب غير مبررة مع الجارة الشرقية ايران، والتي كان بأستمرارها مصلحة للسوفيت والناتو لمدة ثمانية سنوات، كلفت الشعبين أكثر من مليون ضحية وضعف ذلك من المعاقين، واضعاف من الذين أصيبوا بأمراض نفسية وعقلية مدمرة.
حكومات دول العالم المحترمة يتسابقون من أجل خدمة مواطنيهم، وتوفير الرخاء الاقتصادي، إلا نظام صدام جرذ العوجة عميل المعسكرين الشرقي والغربي، تطوع إلى إشعال حرب دمر بها شعب العراق، خدمة مجانية للمعسكرين الشرقي والغربي. أنظمة الشرق الاوسط صناعة بريطانية فرنسية تم رسمها بعد انتصار الحلفاء بالحرب العالمية الأولى.
الجغرافية وضعت العراق جار إلى إيران وتركيا والأردن والسعودية والكويت، ولايمكن لأي دولة إنهاء الدولة الجارة لها، الأمم والدول تتطور من خلال وجود العلاقات الطيبة، والتبادل الاقتصادي والمعرفي.
شاه إيران كان حليف الغرب، وكان ملوك ورؤساء العرب يحنون رؤسهم إليه، ويخافون من غضبه عليهم، أنظمة الشرق الاوسط بما فيهم نظام شاه إيران الراحل، لم يحكموا بالعدل، لذلك شعوبهم تقف ضدهم، ودائما تحدث انقلابات عسكرية هنا وهناك.
بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، العالم كان مقسم إلى معسكرين، شرقي بقيادة السوفيت، ومعسكر غربي الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
السوفيت كانوا يتبنون الشيوعية، وكانت الشيوعية تنتشر بين أوساط شعوب العالم، وانتشرت الشيوعية بكل أصقاع العالم، ودائما السوفيت يسقطون أنظمة موالية للغرب من خلال الثورات الشعبية التي تحدث في الكثير من دول العالم، مثل اليوم أمريكا والناتو من خلال منظمات المجتمع المدني وبإسم دعم الديمقراطية يسقطون أنظمة كانت موالية للسوفيت والغاية دعم أنظمة جديدة تؤمن في النظرية الليبرالية الغربية، والغاية زيادة نفوذ وسيطرة دول الناتو الغربية على دول العالم.
الشعب الإيراني شعب متعلم لذلك انتشرت بين اوساط الشعب الإيراني الحركات اليسارية والدينية، سقط نظام الشاه بثورة الدكتور مصدق عام ١٩٥٢ وعاد الشاه للحكم من خلال انقلاب عسكري بدعم من المخابرات الأمريكية لإعادة الشاه للحكم حليف الناتو.
أفغانستان أيضا كان يحكمها شاه نصبه البريطانيين، حدثت ثورات للشيوعيين ضد نظام شاه أفغانستان، ظاهر شاه بعام ١٩٧٢ وهرب من البلاد، ووصل الشيوعيين للحكم، لكن هذا الكلام، لم يقوله الكتاب والصحفيين العرب، كل كتاباتهم تتحدث عن الغزو السوفيتي إلى افغانستان عام ١٩٧٩، هناك حقيقة، بقيت الصراعات مستمرة في أفغانستان، بين الشيوعيين المدعومين من السوفيت، وبين القوى المناوئة المدعومة غربيا، من عام ١٩٧٢ إلى عام ١٩٧٩، وكان شاه إيران يدعم القوى المعارضة للشيوعيين في أفغانستان.
بعد سقوط حكومة مصدق وعودة الشاه رضا بهلوي للحكم، بقي الشعب الإيراني معارضا لنظام الشاه، وهذه المرة دخل المعارضة مرجع ديني شيعي كبير وهو السيد الإمام الخميني رض، قام الشاه في إبعاده خارج الحدود، بقي الإمام الخميني يرسل رسائله للشعب الايراني، النتيجة كثرة المظاهرات ضد نظام الشاه، تم إخراج الإمام الخميني رض من النجف من خلال البكر وصدام من العراق إلى الكويت، فرنسا سمحت إلى الإمام الخميني الإقامة في فرنسا قبل انتصار الثورة في أقل من سنة، كان السيد الخميني يبعث رسائله من خلال الكاسيتات للشعب الايراني، فرنسا ودول الغرب والشرق لديهم عشرات الأحزاب المدعومة منهم، الثورة الشعبية انتشرت في إيران، ولم يبقى اي سبيل سوى إخراج نظام الشاه واعادته بطريقة ثانية مثل إعادته بقمع ثورة الدكتور مصدق.
عاد السيد الخميني إلى إيران ومعه ٥٥ زعيم حزب مقسمين بين السوفيت والناتو، كانت خطتهم سحب البساط من الإمام الخميني والسيطرة على الحكم من قبل أنصار السوفيت أو إعادة الشاه مرة ثانية.
بعد نجاح الثورة الإسلامية في ايران، السوفيت تدخلوا بشكل مباشر بدعم حكومة الشيوعيين في افغانستان.
وقفت دول الشرق والغرب ضد النظام الإسلامي الجديد في ايران، والمخابرات السوفيتية والغربية يخططون كيف يسقطون نظام السيد الإمام الخميني رض، فلم يبقى عندهم ورقة سوى تحريك صدام الجرذ لاشعال حرب خاطفة ضد ايران تنهي نظام الحكم، وخاصة كان رئيس الجمهورية ابو الحسن بني صدر موالي إلى فرنسا، وكذلك مسعود رجوي مدعوم غربيا ولديه ميليشيات مسلحة لها مقرات بكل المحافظات الايرانية، ويوجد كريم سنجابي مدعوم من السوفيت، بشهادة صلاح عمر العلي ابن خالة صدام الجرذ، والذي كان قيادي بالبعث والحكومة البعثية، إنه ذهب مع صدام إلى قمة هافانا قمة عدم الانحياز التي أقيمت في كوبا، وأن وزير خارجية إيران في حكومة المهندس بزركان التي تولت الحكم بعد سقوط نظام الشاه، طلب منا الاجتماع مع صدام، يقول صلاح عمر العلي سألني صدام حول ذلك، يقول قلت له نظم الاجتماع، لنسمع مايقول، يقول دخل ابراهيم يزدي وسلم علينا وقال إن الجغرافيا وضعت إيران والعراق جيران، ولدينا روابط كثيرة بين الشعبين، لنبحث عن حلول دبلوماسية، غادر ابراهيم يزدي يقول سألني صدام قال لي رفيق صلاح شنو رايك؟ يقول قلت له سيدي انا عملت ممثل العراق في الأمم المتحدة، ساسة العالم يستقتلون لخدمة بلدانهم وشعوبهم، وهذه فرصة لنجد حل دبلوماسي مع ايران، يقول نظر لي صدام وبقي صامت، ختم الصمت بضحكة طويلة، قال لي شوف صلاح هذه الثورة في ايران جديدة لديهم مشاكل مع السوفيت ومع الناتو وهذه فرصتي راح اضربهم ضربة إلا اطشرهم، يقول صلاح عمر العلي هنا أدركت أن هناك ضوء أخضر من السوفيت والناتو إلى صدام لشن حرب ضد ايران وهذا الذي حدث.
نتذكر كل عام في مثل هذه الأيام من عام ١٩٨٠ قيام صدام القذر في إشعال حرب الثمان سنوات التي انهكت الشعب العراقي والايراني خدمة لمصالح اسياده الذين تخلوا عنه ومسخوه إلى جرذ قذر نتن.
قرأت مقالات لقادة فلسطينيين إلى السيدين فاروق القدومي والسيد محمود زكي، في إحدى مقالات القيادي الفلسطيني محمود زكي والتي نشرت بعام ١٩٨٣ يقول لدى اجتياح إسرائيل إلى بيروت الشرقية بمساعدة حزب الكتائب، اجتمعت مع السفير السوفياتي في بيروت، وخلال الحديث معه، طلبنا مساعدة السوفيت لمنع إبعاد منظمة التحرير من لبنان، وخلال الحديث السفير السوفياتي أبلغني أن السوفيت يخططون لدعم انقلاب في إيران لإسقاط النظام الإسلامي، يقول قلت له إيران دولة مساندة لنا، ونحن كفلسطينيين نرفض ذلك أبدا.
حرب صدام ضد إيران كانت تنفيذ أوامر سوفيتية غربية وليس كما كان يدعي العتل الزنيم صدام الجرذ، بأنها كانت ضد مخفر خضر وهيلة، هذه كذبة كبرى.
الفريق قاسم عطا كان يعمل في الحاسبة الإلكترونية التابعة لوزارة الدفاع بحقبة صدام الجرذ، واكيد شاهد الاحصائية التي طلبها صدام من وزارة الدفاع العراقية بعدد القتلى بحربه عندما توقفت الحرب عام ١٩٨٨، الجندي الذي كتب الكتاب للإجابة عن طلب صدام الجرذ، هو من نقل لي العدد كان عدد من قتل بالحرب ٤٨٠٠٠٠ ألف جندي وضابط من غير عدد المفقودين والأسرى الذين تجاوز عددهم سبعين ألف أسير جندي وضابط عراقي.
للأسف قادسية العار احرقت مواليد كاملة من أبناء الشعب العراقي، من مواليد ١٩٥٠ إلى مواليد ١٩٦٩ تم سوقهم لحرب صدام العبثية وقتل وجرح عشرات آلاف الشباب، تدمرت أجيال كاملة، مضاف لذلك كان قادة الجيش والضباط وخاصة المحسوبين على نظام البعث ناس بغالبيتهم مجرمين وقتلة وطائفيين للقشر، على المستوى الذي أنا شاهدته، قاىد فرقة المشاة العشرين داود سلمان الجبوري سني من ديالى كان قذر وطائفي إلى حدود منحطة، رأيت ضابط من الموصل اسمه نقيب غانم كان جالس بجنبي كنا واقفين على نهر شط العرب، قال لي حتى السمك الذي في نهر شط العرب حزب دعوة؟ رديت عليه لكن السلطة كانت في أيديهم، نفس هذا الضابط الموصلي غانم مرة يتحدث معي قال لي، كانت وحدتي في السليمانية قبل حرب قادسية العار، وقال لي، كنت في مدينة ماوت، يقول هذا الحقير، كنت مرتدي ملابسي العسكرية وفي الشارع وجدت كوردي يبيع ملابس بالشارع وضربته في الخيزران على رأسه لأنه بقي جالساً عندما مريت بالقرب منه؟ هذا الرذيل لايختلف عن سيده صدام الجرذ الهالك في السفالة.
أيضا في نهر جاسم، سمعت ضابط من الضلوعية يتكلم مع ضابط إداري اسمه جوامير أيضا سني من ديالى، كنا في شرق جامعة البصرة القديمة في منتصف بساتين، الضابط من الضلوعية جبوري سني قال إلى جوامير (هؤلاء الكلاب أهل البصرة لايستحقون هذا النخيل)، انا اضطريت أن ارد عليه رد عنيف واخرسته، شاهدت مواقف طائفية للضباط والقادة البعثيين السنة لاتعد ولاتحصى، حتى في المجالس التحقيقة حول وجود مخالفات لجنود، للأسف حدثت حادثة جندي من العمارة اسمه عبدعلي جاسم الكناني سائق سيارة اهله بالعمارة والوحدة العسكرية كانت في الطيب، الرجل نزل يجلب الجنود المجازين من مدينة العمارة، زار اهله، عنده مشكلة مع جار، جلب الأمن وجدوا عنده صندوق رمان يدوي، تم اعتقاله وتعذيبه وصل للوحدة بعد شهر، تم تشكيل مجلس تحقيقي برئاسة ضابط دمج بعثي طائفي قذر من تلعفر اسمه فرمان، رأسا الأخ حكمه إهمال متعمد، يعني اعدام، هنا كان معنا ضابط شجاع لامي اسمه علي حسين علي من بغداد قال له نحن لانوقع، ذهبنا إلى آمر الوحدة طرده وشكل مجلس برئاسة الشجاع اللامي وعضوية اثنين شرفاء آخرين واحد منهم من الكوت وهو انا، والثاني من مدينة الصدر، تم اختيار فقرة إهمال غير متعمد، تحول الحكم من الإعدام إلى سجن شهر فقط لاغيره، صدام كبير المجرمين، لكن هناك آلاف المجرمين والسفلة من الضباط سواء كانوا بالجيش أو الاستخبارات أو الأمن أو المخابرات لهم دور كبير في كتابة فقرات إعدام في المجالس التحقيقية سواء كانت بالجيش أو في مراكز الشرطة والامن، لذلك القاضي يحكم الضحايا وفق هذه الفقرات اللاقانونية الموجودة في نص قانون العقوبات المدني أو قانون العقوبات العسكرية الذي تعمل به دولة صدام المجرمة، هؤلاء يفترض تطالهم يد العدالة ويتم التحقيق معهم ومحاسبتهم.
بحقبة حرب الثمان سنوات الكثير من آمري الأفواج والسرايا والقادة، بسبب أحقاد شخصية على جنود وضباط كتبوا عليهم تركوا الساتر الامامي، وتم تشكيل مجالس تحقيقية وتم إصدار أحكام إعدام ظالمة عليهم.
حقبة حرب صدام العبثية بقادسية العار كانت مدمرة للشعب العراقي، وتبعتها حماقة غزو الكويت وقمع الانتفاضة وقصف حلبجة والانفال بالكيماوي…..إلخ الف لعنة على روح صدام الجرذ وأتباعه إلى يوم الدين، يفترض بساسة العراق الجدد، وضع آليات لعدم تكرار عودة نظام طائفي قذر جديد يتسلط على رقاب أبناء الشعب العراقي مرة ثانية،مع خالص التحية والتقدير.
نعيم عاتي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
24/9/2024