بيروت وغزة بين القنابل والخيانة: صمت يقتل الأمل..!
ناجي الغزي ||
/ كاتب سياسي
في غزة وبيروت تنفجر الحياة في عيون الأطفال على وقع القنابل, وتختنق الأحلام تحت غبار الانفجارات. غزة المكلومة التي لم تذق طعم الحرية منذ أمد بعيد, ما زالت تقف في وجه العدو رغم أنها تتنفس الموت في كل زاوية.
وها هي بيروت التي كانت يوماً رمز الحضارة والحرية, تواجه حرباً دامية لا تقل ضراوة. قصف إسرائيلي متواصل يهز شوارعها, ويستهدف الخط الاول من قادة المقاومة في غاراتٍ دقيقةٍ, فيما تتسرب أشباح الاختراقات الإلكترونية إلى أجهزتها الأمنية, محطمةً بقايا الحصون التي كانت تحميها. إنها ليست حرباً على أرضٍ فقط, بل حرب في العقول, حيث يصبح كل جهاز مُخترَق سلاحاً جديداً في يد العدو.
بيروت اليوم ليست مدينة تنزف فحسب، بل ساحة لمعركة لم تترك مجالاً للراحة أو الأمان. قادة المقاومة يُستهدفون بعنف, والقنابل تسقط كأنها لعناتٌ لا تنتهي. الأحياء التي كانت يوماً تنبض بالحياة باتت جثثاً متحركة, وكلما أشرقت شمس جديدة, يكون هناك المزيد من الدماء التي تسفك على الطرقات. كلما دوى الانفجار تسقط قطعة أخرى من الأمل.
وفي حين تصرخ غزة وبيروت معاً طلباً للنجدة, يكتفي العالم العربي بالصمت, صمتٌ أكثر قسوة من القنابل. التخاذل العربي بات وصمة عار تجرح قلوب من لا يزال يؤمن بأن هناك من ينادي للحق والكرامة. أين الأمة التي كانت يوماً تحمل راية الوحدة والنصرة؟ لقد باتت مشلولة, متمسكة بأوهام السلام الزائف والمصالح الخاصة, بينما المدن تسقط واحدة تلو الأخرى.
ثم تأتي إيران التي طالما رفعت شعارات المقاومة والصمود, ولكنها الآن تغرق في صمت استراتيجي قاتل. شعاراتها الرنانة عن نصرة المستضعفين تتلاشى أمام مشهد الحرب الدامية في بيروت وقسوة الحصار في غزة. إنّ هذا الصمت ليس إلا جزءاً من لعبة إقليمية معقدة, حيث تتحول المقاومة إلى مجرد أداة تفاوض في مشهد سياسي مزدحم بالحسابات الباردة. الشعوب التي علّقت آمالها على تلك الشعارات, بدأت تشعر بالخيبة وأن الأمل المعقود بدأ يتلاشى، وأن إيران لم تعد ذلك الحليف الذي يرفع راية المقاومة دون تردد.
في غزة وبيروت، لا يكفي الصمود ولا تكفي الكلمات. الألم أكبر من الشعارات, والحقيقة أكثر مرارة. الشعوب تحترق، بينما تتخذ القوى الكبرى صمتها المقصود, والعالم العربي ينظر بعجز.