“ضرب سفينة الإمداد الأمريكية USNS Big Horn: رسالة واضحة من محور المقاومة وتداعياتها على الأسطول الأمريكي”
موسى الموسوي ||
في ظل تصاعد الحرب بين حزب الله وإسرائيل، ومع التهديدات المتزايدة بغزو بري إسرائيلي على جنوب لبنان، جاء الحدث الأمني البارز بضرب سفينة الإمداد الأمريكية USNS Big Horn، التي تعتبر حيوية لدعم حاملة الطائرات أبراهام لينكولن والأسطول الخامس الأمريكي في المنطقة. هذا الحدث يشكل نقلة نوعية في العمليات العسكرية ويبعث برسالة واضحة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، مفادها أن محور المقاومة مستعد لجميع السيناريوهات، بما في ذلك التصعيد ضد القوات الأمريكية التي تدعم إسرائيل في هذه الحرب.
أولًا: أهمية سفينة “USNS Big Horn” في منظومة الإمداد العسكرية الأمريكية
USNS Big Horn هي إحدى السفن الأساسية في أسطول الإمداد اللوجستي الأمريكي، حيث تمثل شريان الحياة لحاملات الطائرات والسفن الحربية في المناطق العملياتية. هذه السفينة تقوم بإمداد الوقود والمؤن اللازمة لتشغيل حاملة الطائرات أبراهام لينكولن ، التي تعتمد على الطاقة النووية لتشغيل أنظمتها، ولكن تحتاج إلى الوقود لتشغيل الطائرات الحربية والبوارج المرافقة .
بدون سفينة الإمداد بالوقود ، يصبح من الصعب على حاملة الطائرات ومجموعة السفن المرافقة لها المشاركة بفعالية في العمليات العسكرية في الشرق الأوسط. ومع وجود تهديد بغزو بري إسرائيلي للبنان، فإن قدرة الولايات المتحدة على دعم إسرائيل جوًا وبحرًا قد تتأثر بشكل كبير إذا لم تتوافر وسائل الإمداد المناسبة.
ثانيًا: تداعيات غرق السفينة على العمليات العسكرية الأمريكية
من بين 10 سفن فقط مثل USNS Big Horn، تشكل هذه السفن عصبًا حيويًا لعمل حاملات الطائرات الأمريكية في جميع أنحاء العالم. تعرض هذه السفينة للضربة وغمرها بالمياه بالقرب من سواحل سلطنة عمان يعد ضربة نوعية لاستراتيجية الإمداد الأمريكية. الأسطول الخامس الأمريكي، المسؤول عن العمليات في الخليج العربي والبحر الأحمر والمحيط الهندي، يعتمد بشكل كبير على هذه السفن لضمان استمرارية عملياته.
إذا فشلت الولايات المتحدة في تعويض هذه السفينة بسرعة، فإنها قد تواجه تحديات لوجستية خطيرة في إدارة عملياتها العسكرية في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد التوترات في لبنان والشرق الأوسط عمومًا.
ثالثًا: رسالة من محور المقاومة: استعداد لجميع السيناريوهات
هذه الضربة على USNS Big Horn ليست مجرد ضربة تكتيكية، بل هي رسالة استراتيجية من محور المقاومة، الذي يضم حزب الله وإيران وحلفاءهما في المنطقة. هذه العملية تظهر أن المحور يمتلك القدرة على تعطيل خطوط الإمداد الأمريكية، ويستعد لأي تصعيد محتمل في المنطقة.
1. إضعاف الدعم الأمريكي لإسرائيل : الولايات المتحدة تلعب دورًا حيويًا في دعم إسرائيل عسكريًا. مع تعرض إحدى سفن الإمداد الأمريكية الأساسية للتعطيل، يظهر أن محور المقاومة قادر على إضعاف القوة الجوية والبحرية الأمريكية في المنطقة،
وبالتالي تقليل الدعم العسكري الذي يمكن أن تقدمه واشنطن لإسرائيل في أي حرب مقبلة.
2. استعداد المقاومة لجميع السيناريوهات : ضرب سفينة الإمداد يظهر أن محور المقاومة قد حضر نفسه لجميع السيناريوهات المحتملة، سواء كان ذلك مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو حتى مع الولايات المتحدة. العملية تُظهر استعداد المحور للتصعيد وتوجيه ضربات حاسمة قد تؤثر على البنية التحتية العسكرية الأمريكية في المنطقة.
3. تعقيد الاستراتيجية الأمريكية : الولايات المتحدة، التي تحتاج إلى 100 سفينة إمداد على الأقل لتغطية عملياتها في مختلف المناطق البحرية العالمية مثل البحر الأحمر، البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الهادئ، تواجه الآن نقصًا حادًا في قدرات الإمداد الخاصة بها. هذا يعني أن العمليات العسكرية الأمريكية قد تتأثر ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في المناطق الأخرى مثل البحر الصيني والمحيط الأطلسي.
رابعًا: الاستراتيجية الأمريكية في مواجهة التهديدات الجديدة
الولايات المتحدة قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في المنطقة بعد هذه الضربة. هناك عدة تداعيات رئيسية لهذا الحادث على المستوى العسكري:
1. تعزيز الأمن البحري : بعد هذا الحادث، قد تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز أمن سفنها في المنطقة من خلال إرسال تعزيزات بحرية إضافية أو نشر أنظمة دفاع مضادة للصواريخ لحماية سفن الإمداد.
2. زيادة التنسيق مع الحلفاء : الولايات المتحدة قد تضطر إلى تعزيز التعاون مع حلفائها الإقليميين مثل السعودية والإمارات لضمان استمرار تدفق الإمدادات اللوجستية للقوات الأمريكية في المنطقة.
3 . تصعيد العمليات ضد محور المقاومة : قد ترد الولايات المتحدة على هذه الضربة بزيادة العمليات الاستخباراتية والعمليات العسكرية ضد أهداف المقاومة في لبنان أو سوريا أو العراق.
خامسًا: تأثير الحادث على الحرب الإسرائيلية اللبنانية
مع تزايد احتمالية غزو بري إسرائيلي على جنوب لبنان، تحتاج إسرائيل إلى كل الدعم الأمريكي الممكن لتسهيل عملياتها. ولكن مع تعطيل USNS Big Horn، قد تجد إسرائيل نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في توقيت وأسلوب شن هجوم بري على حزب الله.
الطائرات الحربية الإسرائيلية، التي تعتمد بشكل كبير على الدعم اللوجستي الأمريكي ، قد تواجه صعوبات في الحفاظ على كثافة الطلعات الجوية إذا استمر تعطيل سفن الإمداد الأمريكية. هذا يضع إسرائيل في وضع حرج حيث تتعرض لمخاطر التصعيد دون الحصول على الدعم الكامل الذي تحتاجه من الولايات المتحدة.
الخلاصة: محور المقاومة يغير قواعد اللعبة
ضرب USNS Big Horn ليس مجرد حادث عسكري معزول، بل هو رسالة استراتيجية من محور المقاومة مفادها أن القوات الأمريكية والإسرائيلية ليست محصنة من الهجمات. هذه الضربة تظهر أن محور المقاومة يمتلك القدرة على تعطيل البنية التحتية العسكرية الأمريكية، وهو مستعد لمواجهة أي تصعيد محتمل.
الحدث يظهر أن محور المقاومة قد استعد جيدًا لجميع السيناريوهات، بما في ذلك ضرب خطوط الإمداد الأمريكية . في ظل هذا التصعيد، سيكون على الولايات المتحدة وإسرائيل إعادة تقييم خططهما للعمليات العسكرية في الشرق الأوسط، حيث لم تعد قدراتهما اللوجستية محمية كما كان يُعتقد.
انتهى .