الثلاثاء - 08 اكتوبر 2024

عملاء بدون شعور..عملاء بدون اجور..!

منذ أسبوع واحد
الثلاثاء - 08 اكتوبر 2024

رسول حسين ||

في دولة اللادولة يتملكك الاستغراب والحيرة من مفاهيم تلقي بثقلها على مسامعك من كل مكان، لا تعلم مصداقيتها لأنها تتعارض مع الواقع الذي تعيشه، ولا شك أننا نعيش في دول عربية تشبه كل شيء إلا الدول، وتسمع كلمة عملاء و عميل بلا توقف، ولكن ماذا يقصد بهذه الكلمة وكيف تستخدم وأين ولماذا، العميل في معجم اللغة العربية هي مَن يعامل غيره في شأن من الشؤون، ولها معانٍ أخرى بالتأكيد ولكن في السياق الذي نتحدث به تدلل على المعنى المذكور سابقاً، وجمعها عُملاء،

يوازيها في اللغة بهذا السياق كلمة أخرى وهي جاسوس أي الشخص الذي يعمل لصالح دولة أجنبية متمثلة غالباً في الاستعمار، ولكن كيف تنشأ فكرة العمالة؟ وكيف نميّز أفعال العملاء؟ وكيف يستطيعون خيانة أوطانهم والتعاون مع الاستعمار؟ لو نظرنا قليلاً إلى طبيعة الحياة اليومية التي نعيشها، ستلحظ أن العملاء لا يتمثلون بالأشخاص المرتبطين بالتعاون مع الاحتلال فحسب، إنما بنظري هم المرتبطين مع أي قوة أو سلطة حاكمة ومسيطرة وبيدها قرار.

اريد في البداية توضيح اكبر شبكة لإدارة العملاء في العالم، “الموساد”، تعد أحد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاثة الأساسية، وهي بالإضافة إلى الموساد، جهاز الأمن العام (الشاباك)، وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، ويخضع الموساد الذي تأسس في ديسمبر/كانون الأول 1949، لمسؤولية رئيس الحكومة الإسرائيلية مباشرة، ويقع مقره الرئيسي في تل أبيب وتحديدا في مفترق جليلوت.

في عام 1937 أسست الحركة الصهيونية منظمة سرية استخبارية بهدف تنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين، واستمرت في عملياتها إلى أن أُعلن قيام دولة إسرائيل في 15 مايو/أيار 1948، وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 1949 أقر رئيس حكومة الاحتلال ديفيد بن غوريون تشكيل مؤسسة لتجميع وتنسيق خدمات الاستخبارات والأمن، عرفت لاحقا باسم “الموساد”، وبدأ رسميا تنفيذ مهامها خارج الحدود الإسرائيلية في الثامن من فبراير/شباط 1951.

أعيد تنظيم الموساد في مارس/آذار 1951 وأصبح الذراع الخارجية لاستخبارات إسرائيل، ويشرف عليه بشكل رسمي مكتب رئيس الوزراء، والاستخبار وتنفيذ العمليات السرية خارج الحدود الإسرائيلية هو الهدف الرئيسي لجهاز الموساد، بالإضافة لإقامة علاقات سرية والتعامل مع قضايا الأسرى والمفقودين، ويعمل أيضا على البحث والتطوير في المجال التقني.

يعد جهاز الموساد من أقوى أجهزة المخابرات في العالم، ويتراوح عدد العاملين فيه بين 1200 و1600 موظف، ويعتمد على شبكة واسعة من العملاء في أنحاء العالم، ويعد العملاء أهم مصدر للمعلومات بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية،

رغم التقدم التكنولوجي، فإنها تعتمد عليهم بشكل كبير لتأكيد المعلومات أو نفيها، وتقدم المخابرات الإسرائيلية إغراءات وخدمات للعملاء مقابل تنفيذ مهام محددة، بالإضافة إلى إستراتيجية ترغيب وترهيب، وتستخدم المكافآت وسيلة لتشجيعهم على تنفيذ المهام.

اليوم وفي ظل تصاعد الازمة بين محور الخير واسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، برز مفهوم ( عملاء بدون شعور و عملاء بدون اجور)، فكما اتضح اعلاه ان جهاز الموساد سابقا كان يختار عملائه بعناية فائقة وفق شروط وضوابط وبأجور مرتفعة، إلا أن العقل البدائي لمجتمعاتنا جرهم ليكونوا عملاء بدون شعور،

كيف اصبح البعض عملاء من غير شعور، بعد الاستهدافات الأخيرة الممنهجة لبعض قيادات محور المقاومة، التي راح ضحيتها ثلة من الخط الاول لعل ابرزهم الشهيدين الحاج سليماني والحاج المهندس رحمهم الله، واستمرت العمليات لتصل إلى سيد المقاومة نصر الله، فكيف تمت هذه العمليات بمساعدة العرب بدون شعور !!.

نشاهد اليوم الانفتاح الكبير على مستوى التواصل الاجتماعي، وهذا الانفتاح جر بعض السذج لتناول الاخبار وتصوير مواقع حساسة ومهمة وتناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدون شعور، وهذا ما اقتنصه جهاز الموساد واستطاع توظيفه وتمكن من استهداف بعض القيادات بصورة سلسة دون عناء،

لا اريد التحدث بعمق لاني ادرك ان كلامي يجرح البعض، فهل نرى من يستطيع وضع حد لمهزلة التواصل الاجتماعي وانهاء هذا الانفلات الذي يمكن ان يكون غير مقصود، ان من المهم أن نعي كيف نربي أبناءنا وماذا نزرع في عقول موظفينا، وأن نستنكر الفعل الذي قد يصبح عادة سائدة تضرّ بالمجتمع ككل، الموضوع اكثر خطورة مما نتصور ويحتاج لوقفة جادة لمراقبة كل ماينشر على مواقع الإنترنيت وتنبيه الناس ليكونوا اكثر حرص ودقة في تعاملاتهم.

وبالحديث عن العملاء بدون اجور وهذه المصيبة الكبرى باعتقادي، نشاهد هذه الأيام بألم شديد ومرير وعلى مدار الساعة تجويع وتقتيل المدنيين الأبرياء من رُضع وأطفال ونساء وشيوخ، المحاصرين منذ سنين بقطاع غزة المنكوب، وفي جنوب لبنان مؤخرا واليمن، ونمتعض أكثر من التأييد الكامل والتحّيز الأعمى ومن دون رحمة للعدو الصهيوني الوحشي من طرف حكام وإعلام الغرب وبعض العرب،

وهذا مااصفه شخصيا بالعمالة دون اجر، فصرنا نصاب بالغثيان لمجرد سماع أصوات هؤلاء وهم ينددون بعملية المقاومة المشروعة لما يصفونها بالعملية الإرهابية، وقد تعودنا من كل محتل ظالم وكل عنصري غاشم على التضليل المكشوف بوصفه للمقاومة الشريفة والمشروعة بالإرهاب.

والمقرف والمقزز هو إلحاح هؤلاء المتحيّزين للكيان الصهيوني الغاشم والشرس على طلب إطلاق سراح بضع عشرات أسراهم ورهائنهم الآمنين بيد المقاومة المسلمة والشريفة، في حين لسان حالهم نراه يشي بأنهم يبتهجون ويتلذذون في الوقت نفسه بالانتقام من الشعب الفلسطيني المظلوم والمحاصر بغزة وحتى بالضفة منذ عشرات السنين وفي جنوب لبنان واليمن، والذي يتساقط شهداؤه وجرحاه بالعشرات في كل يوم تحت القصف الوحشي لسلاحهم الفتاك على يد جيش العدو الصهيوني. وكأن دم الصهاينة أزرق وأغلى وأقدس من دم الفلسطينيين الأحمر كدم باقي البشر.

وقد كنت من بين الذين يتصورون أنه لا بد من أن يكون من وراء ذلك التضليل الماكر وما ينتج عنه من تحيز أعمى، أخطبوط استخباري مّا من عملاء الموساد الإسرائيلي، والذي ما كنت أعرف عنه شيئا ملموسا في الواقع. وبالبحث وجدت أن الموساد قد اختار طريقة جديدة لتجنيد العملاء ودون عناء وبلا اجر يذكر،

وجد الموساد ضالته لدى بعض الساقطين من دول الغرب وبعض الدول العربية، فتمكن من تجنيد هذه الحثالات لتدافع عن قضيته وتمارس الضغوط على الدول المتصدية للقضية الفلسطينية، هل نشاهد من يفضح هذه المؤامرات ويعري هذه المجاميع المجرمة…

للحديث بقية والايام كفيلة بإيضاح الكل على حقيقتهم.