مصابيح البيت المُعتم..!
زمزم العمران ||
يقول الشاعر معروف الرصافي :
ولم أر للخلائق من محلِّ يُهذِّبها كحِضن الأمهات فحضْن الأمّ مدرسة تسامتْ بتربية البنين أو البنات .
الأولاد فلذات الأكباد ، من أجلهم فقط يمكن التضحية وبدون مقابل فمكانتهم في القلب لاينازعهم عليها أحد ،فيهم تحلو الحياة ، وبهم يتجدد الأمل ، فبدون الأولاد تكون الحياة بلا هدف ، فهم الهدف السامي والدافع الرئيسي الذي من أجله يواصل الإنسان الركض في معارك الحياة، ويتحمل صعوباتها ومشقاتها ،
إن أغلى ما يمتلكه الإنسان في الدنيا هم الأبناء، ولا شيء يعوض إحساس الأبوة والأمومة، سوى الاستمتاع بوجود ذرية صالحة تملأ عليهم حياتهم، وتهون الراحة من أجلهم ، فنجد كلا الوالدين يضحي بما يملك من وقت وصحة ومال من أجل إسعاد أبنائهم ، ويبذلون جهدهم من أجل ايصالهم لأعلى المراتب حتى التي تفوق نجاحاتهم فالأب والأم يسعدون حتى إذا أولادهم أصبحوا افضل منهم أنه لفخر لهم أن يكونوا بهذه المرحلة وهذه المنزلة فهم يتسابقون بأن يكونوا افضل بكثير من غيرهم الا أولادهم يودون أن يكونوا هم افضل منهم.
في الأسبوع الأول من العام الدراسي ، كان اولادي يستعدون للعام الدراسي الجديد وهم يتسابقون في شراء مستلزماتهم الدراسية ويتفننون في اختيارهم ملابسهم وحقائبهم كان الشغف وحب التجدد والاطلاع واضح على وجوههم من أجل استقبال مرحلة عمرية ودراسية جديدة في حياتهم ، الا في هذه السنة خيم الصمت والرتابة عليهم وكانوا يقبلون بأي شيء أتبضعه لهم وذلك بسبب انفصال أخيهم الأكبر عنهم لذهابه لمرحلة المتوسطة فهو من كان يأخذهم معه ويعود بهم ، وعندما يحتاجون إلى مساعدة يركضون نحوه في المدرسة فكانوا يشعرون بالأمان والطمأنينة لوجوده معهم،
اليوم كان اليوم الأول له في دوام المتوسطة ، نظرت في أركان المنزل كيف بدى لي كئيب خالي من ألاولاد كيف كانوا هم روح هذا المنزل الكئيب المظلم بدونهم كيف كانوا هم الحياة له حيث لاحياة بدون الاولاد ،يركضون هنا ويلعبون هناك يتشاجرون ويأكلون وينامون ويشاهدون التلفاز ، كيف لهؤلاء الصغار أن يملؤ البيت رغم صغرهم اليوم أصبح البيت فارغ موحش بدون ضجيجهم وشغبهم ، صفات نعم طفولية ولكنها جميلة ورائعة، والأروع من ذلك أن تكوّن فينا نحن الكبار فنكتسب منهم فن التعامل ونأخذ منهم نقاء القلب وصفاء النفس.
نعم إن وجود الأولاد في المنزل نعمة عظيمة وراحة نفسية ، الا إن للابن الأول فرحة عظيمة، لا تعلو عليها أي فرحة أخرى، وشعور لا نجده إلا في الإنجاب للمرة الأولى، إذ أن الإحساس بالأبوة والأمومة عند مجيء الطفل الأول، هو إحساس جديد لم يسبق الشعور به من قبل، ولذلك تجده يحتل مكانة في القلب تختلف عن غيره من إخوته ،
اليوم ليس إخوته فقط يفتقدونه معهم ، أنا أيضاً افتقتده عندما كنت اودعهم إلى المدرسة وقلبي مطمأن أن أخاهم الكبير معهم يحميهم من كل سوء ويكون لهم العون والسند كنت مطمأنة لأنه معهم إلى أن جاء هذا اليوم وفقدت هذا الامان ، فأقول لك يا أبني البكر ، يا أول حب في حياتي أراك طفلي عند الحب، وأراك أبي عند ضعفي، وأراك أخي عند شجاري بمزاح، وأراك كل البشر عندما أشعر بأنني وحيدة، لذلك أحبك كثيراً وأتمنى من الله أن يحميك ويحفظك من كل شر.
فاللهم بارك لي في اولادي الأحبة واحفظهم بحفظك واجعلهم من أخيار هذا الدين ، فأني حصنتهم بأسمك العلي الأكرم ،وأسال الله الذي وهبكم لي أن لا يضركم بشيء، فهم يارب أجمل ما رأت عيني، وأغلى مالدي يارب بارك في عمرهم وحقق أحلامهم .