الثلاثاء - 08 اكتوبر 2024
منذ أسبوع واحد
الثلاثاء - 08 اكتوبر 2024

أمين السكافي ـ لبنان صيدا ||


قال الله تعالى: [ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:87-88]. هو النبي يونس بن متى أرسله الله لقوم نينوى الموصل في العراق حاليا يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد وأن لا يشركوا به أحدا ولكنهم كانوا قوما يعبدون الأصنام ويتقربون إليها زلفا من دون الله .

بقي يونس في دعواه لقومه لمدة تزيد عن ثلاثا وثلاثين سنة حتى ضاق ذرعا بهم ويقال أنه لم يؤمن له إلا رجلين فأصابه اليأس والغضب ودعى على قومه وحيث أن دعاء الأنبياء مستجاب فقد نزل بهم العذاب وعندها فقط تذكروا النبي يونس ولكنهم عندما بحثوا عنه لم يجدوه فقد خرج من القرية مغاضبا دون أن يستأذن الله في خروجه وتركه الدعوة لله ويقال أنه ركب البحر يريد إبتعادا عن كل ما يمت بصلة لقومه وهنا هاجت البحار وأسودت الدنيا وبدأت العواصف وكان من عادة البحارة في ذلك الزمان أن يرموا شخصا في البحر

وخاصة إن كان مذنبا بذنب فوقع الإختيار لحكمة لا يعلمها إلا الله على سيدنا يونس فألقوه في البحر وإلتهمه الحوت وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٩﴾ إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ ﴿١٤٠﴾ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ ﴿١٤١﴾ فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿١٤٢﴾ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤٤﴾ فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴿١٤٥﴾ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ ﴿١٤٦﴾ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴿١٤٧﴾ فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴿١٤٨﴾

وحسب ما تروي آيات القرآن الكريم أن الله أراد تلقينه درسا لغضبته ويأسه وخروجه من قريته دون أن يستأذن ربه فلبث في بطن الحوت وهنا إنتبه لما فعل وأخذ بالإستغفار فتاب الله عليه وجعل الحوت يلقيه على الشاطئ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)} [القلم]

القصد والعبرة من قصة سيدنا يونس بداية أن لا يصيبنا اليأس مما حصل ويحصل معنا وأن نبقى على ثقتنا بالله الواحد الأحد وأن اليأس هو باب من أبواب الشيطان يفتحه ليغرق عباد الرحمن به. ثانيا إستأذان الإله بأي أمر نريد الإقدام عليه والتأكد من شرعية أية مسألة ورضى الله عليها قبل أن نقدم عليها.

ثالثا الدعاء فهو أساس العلاقة بين الخالق والمخلوق وقال ربكم أدعوني أستجب لكم وقال أيضا وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني .وقد حث رسولنا الأعظم على التوجه بالدعاء لرب العباد

فإن كنت مع الله فلا يجب أن يصيبك اليأس بل أن تبقى ثقتك كاملة بربك وأن بعد أن تعد عدتك عليك بالتوجه بالدعاء كما فعل الرسول في بدر الهم ائتني ما وعدتني ، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا ،

فما زال يستغيث ربه ويدعو حتى سقط رداؤه ، فأنزل الله عز وجل : إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12).

والمسألة الأخيرة هي أن نتأكد من رضوان الله على أي أمر نقوم به وأن لا نتصرف بمسألة لسنا متيقنين برضى الإله عليها.