وان طال زمن الانتهازيين..!
سمير السعد ||
في عالم مليء بالتحديات والمتغيرات، يظهر الانتهازيون في كل مجال من مجالات الحياة، سواء كانت سياسية، إعلامية، أو حتى رياضية. هم الأشخاص الذين يسعون لتحقيق مكاسب شخصية بأي وسيلة،
حتى وإن كان ذلك على حساب المبادئ والقيم. قد يظن البعض أن زمنهم سيطول، وأنهم قادرون على التلاعب بالحقائق والتسلق على أكتاف الآخرين إلى ما لا نهاية، لكن الحقيقة دائمًا ما تكشف هؤلاء، عاجلاً أم آجلاً.
في المجال السياسي، يشتهر الانتهازيون باستغلال الأزمات والحروب لتحقيق مكاسب شخصية. يتخفون خلف شعارات وطنية، ويستغلون ثقة الشعوب لتحقيق مصالحهم الخاصة. يسعون للوصول إلى السلطة بأي ثمن، حتى لو كان ذلك يعني التلاعب بمصائر الشعوب. لكن التاريخ لا يرحم، فكلما ازداد سوء استخدام السلطة، كلما اقتربت لحظة الانكشاف.
الإعلام، الذي من المفترض أن يكون صوت الحقيقة، أصبح أداة بيد الانتهازيين في بعض الأحيان. يتاجر البعض بالأخبار، ويحوّلون القضايا المهمة إلى فرص للربح الشخصي. هؤلاء يروجون للأكاذيب والشائعات بدلاً من الحقائق، سعياً وراء المكاسب المادية أو النفوذ. ومع ذلك، فإن الجمهور الواعي قادر في نهاية المطاف على التمييز بين الإعلام النزيه والمغرض، وستسقط الأقنعة تباعًا.
حتى في الرياضة، نجد الانتهازيين يتلاعبون بالنتائج والصفقات وحرف الحقائق والكذب والزيف لتحقيق مكاسب شخصية. يتظاهرون بالاهتمام بالمنافسة الشريفة وأقلام حرة مدافعة عن صوت الحق بينما يسعون فقط للمال أو الشهرة. قد ينجحون لبعض الوقت، لكن عندما يكتشف الجمهور حقيقتهم، يصبحون منبوذين من المجتمع الرياضي، ويتم تذكيرهم كعبرة في تاريخ الرياضة.
ربما يظن الانتهازيون أن خداعهم سيستمر إلى الأبد، ولكن التاريخ يثبت العكس. كل شخصية انتهازية واجهت لحظة الحقيقة في نهاية المطاف، حيث تكشف الأفعال عن نواياهم الحقيقية، ويصبحون عبرة للآخرين. المجتمع لن ينسى، ومن يخون القيم سيواجه النبذ والعزلة.
نعم، قد يطول زمن الانتهازيين، لكن في النهاية، الحق هو الذي ينتصر، والمبادئ هي التي تبقى، بينما يُنحى الانتهازيون جانباً في صفحات التاريخ.
إن الانتهازية قد تبدو في بعض الأحيان وكأنها الطريق الأسهل والأسرع لتحقيق النجاح والهيمنة، حيث يظن الانتهازيون أنهم قادرون على التحايل على النظام واستغلال الفرص دون رادع. لكن التاريخ يعلمنا دروسًا قاسية، إذ أن نجاحاتهم الزائفة تكون مؤقتة، بينما تدوم آثار أعمالهم السلبية لفترة طويلة على المجتمع. مهما استطاعوا التلاعب بالحقائق أو تحوير المسارات لخدمة مصالحهم الخاصة، فإن الحقيقة تبقى أقوى منهم جميعًا، وهي التي تسود في النهاية.
في كل مجال، سواء في السياسة أو الإعلام أو الرياضة، نجد أن الأفراد والمؤسسات الذين عملوا بصدق وأمانة هم من يستمرون ويتركون أثرًا إيجابيًا. في حين أن الانتهازيين يظلون مجرد حوادث مؤقتة في مسار التاريخ، يُطوى ذكرهم بسرعة ويُنبذون من المجتمع الذي يرفض قيمهم.
لقد مررنا في فترات تاريخية بأمثلة عديدة لأشخاص اعتقدوا أنهم يستطيعون خداع الجميع إلى الأبد، لكنهم في النهاية كانوا عبرة لمن بعدهم. لا يمكن لأي انتهازي أن يبني مستقبلاً مستدامًا على حساب القيم والمبادئ. قد يحققون انتصارات صغيرة في البداية، ولكن المجتمع والأجيال القادمة لن يغفروا لهم خيانتهم للمصلحة العامة.
إن سقوط الأقنعة ليس مجرد نتيجة حتمية، بل هو ضرورة لبقاء المجتمعات وتقدمها. فالعدالة قد تتأخر، لكنها لا تُهمل، والمبادئ النبيلة هي التي تنتصر دائمًا في النهاية. حين تتضح الحقيقة وينكشف هؤلاء الذين خانوا الأمانة واستغلوا الفرص لأهدافهم الأنانية، يصبحون دروسًا وعبرًا للأجيال القادمة، وتجتمع الشعوب على رفضهم ونبذهم.
خلاصة القول ، علينا أن ندرك أن الزمن قد يطول أو يقصر، لكن مصير الانتهازيين حتمي لا مفر منه. إنهم لا يُخلدون، ولا يذكرهم التاريخ إلا كنماذج للفساد والخداع. بينما يبقى أصحاب المبادئ والقيم الثابتة منارات يستضيء بها العالم، وتنحني لهم صفحات التاريخ بوقار واحترام.