نصر الله ينير درب المقاومة بدمه الزكي ويشعل معركة الخلود..!
أحمد العسكري ||
في تاريخ الأمم والشعوب، تظهر شخصيات نادرة تترك بصمات لا تُمحى على مسار المقاومة والكرامة الوطنية كان سماحة السيد حسن نصر الله، ليس فقط قائد لحزب الله وسيد للمقاومة، بل كان أبرز القادة الذين جسدوا روح الصمود والمواجهة ضد الاحتلال الصهيوني والقوى المتغطرسة، وفقدانه يمثل خسارة كبيرة لمحور المقاومة، ليس فقط على المستوى العسكري والسياسي، بل أيضاً على المستوى المعنوي والرمزي.
منذ توليه قيادة حزب الله في أوائل التسعينيات، قاد السيد حسن نصر الله جبهة المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، مجسداً روح التحدي والصمود فقد تحوّل حزب الله تحت قيادته، من مجموعة صغيرة إلى قوة محورية في الصراع ضد إسرائيل، بل إلى نموذج يُحتذى به في العالم العربي والإسلامي بل في العالم كله، كانت مواقفه السياسية وخطبه المتزنة والقوية، التي عرفت بدقة التوجيه وصراحة التعبير، تضفي زخماً على خط المقاومة، وتجعل منها رمزاً للأمل والعزيمة فتحت قيادته خاض الحزب معارك شرسة، أبرزها حرب تموز 2006، التي نجح من خلالها في إثبات قدرته على الصمود رغم الفارق الكبير في القوة العسكرية مع الكيان الغاصب.
رحيل السيد حسن نصر الله لا يمثل مجرد فقدان قائد، بل هو غياب لرمز عالمي للمقاومة ضد الظلم والعدوان، كان نصر الله قائداً يتميز بالحكمة، والشجاعة، والإيمان العميق بعدالة قضيته، إن فقدان هذه الشخصية يعني فقدان عنصر توحيدي لشريحة واسعة من الشعوب التي رأت فيه صوتاً للكرامة والعدالة في الوقت الذي تتكالب فيه القوى الاستعمارية على المنطقة، إذ يُعد غيابه تحدياً كبيراً لمحور المقاومة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية وارتفاع مستوى التهديدات، ومع ذلك، فإن الخسارة التي يمثلها رحيله لا تعني نهاية المقاومة، بل على العكس، ستكون دافعاً لتجديد العزيمة وتعزيز الجهاد. شخصية نصر الله كانت جزءاً مهماً من منظومة المقاومة، لكنه كان يؤكد دائماً أن المقاومة ليست قائمة على فرد أو قائد، بل هي حركة شعبية واسعة تشمل كل من يؤمن بقضية تحرير الأرض والإنسان من الاحتلال في مواجهة قوى الشر المتغطرسة، سواء كانت الكيان الصهيوني أو أي قوى استعمارية أخرى، فلا يمكن الركون إلى اليأس أو التراجع.
إن رسائل نصر الله كانت دائماً تدور حول أهمية المثابرة والاستمرار في النضال، مهما كانت التضحيات فكان يؤمن أن المقاومة ليست مجرد حالة عابرة أو ظرفية، بل هي استراتيجية دائمة تعتمد على إرادة الشعوب في التحرر وفي غيابه يتعين على محور المقاومة أن يستمر في تبني هذه الرؤية فالقضية التي كان يدافع عنها لا تزال قائمة فالأرض ما زالت محتلة، والشعوب ما زالت تعاني من الظلم والقمع والجهاد لا يمكن أن يتوقف عند فقدان قائد، بل يجب أن يتعزز بالوفاء لذكراه ولمبادئه.
المقاومة ليست فقط رد فعل على العدوان، بل هي حالة مستدامة تهدف إلى تحرير الأرض واستعادة الكرامة إنها مبنية على الإيمان العميق بحق الشعوب في تقرير مصيرها كان سيد المقاومة دائماً يؤكد على أن الجهاد ليس مجرد فعل عسكري، بل هو نضال سياسي، ثقافي، واجتماعي من أجل تحقيق العدالة والحرية وأن ديمومة الجهاد تتطلب بناء قدرات مستدامة على كل المستويات؛ العسكرية، السياسية، وحتى الاجتماعية فالمقاومة بحاجة إلى تحصين نفسها من الداخل وتعزيز الوحدة بين شعوب المنطقة التي تؤمن بحقها في الحرية والتحرر ورغم فقدان قائد بحجم نصر الله، فإن الأسس التي وضعها لحزب الله وللمقاومة بشكل عام ما زالت قائمة فرحيل فتى الجنوب قد يمثل ضربة معنوية لمحور المقاومة، لكنه في الوقت ذاته يجب أن يكون لحظة لتجديد العهد مع القضية التي ناضل من أجلها لأن المقاومة ليست مرتبطة بشخص واحد، مهما كان حجمه ودوره، بل هي حالة عامة تستمد قوتها من إيمان الشعوب بحقها في الحرية والتحرر والجهاد يجب أن يستمر ضد قوى الاحتلال المتغطرسة، وفقدان نصر الله يمكن أن يكون نقطة انطلاق جديدة لجيل جديد من المجاهدين الذين يحملون راية المقاومة كما حملها هو بكل فخر وشرف والإرث الذي تركه نصر الله سيظل مشعلاً يُضيء درب المقاومة، ودافعاً لاستمرار النضال حتى تحقيق النصر.