العلاقة الأميركية الإسرائيلية..!
أمين السكافي ـ لبنان ||
تعتبر العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة إسرائيل من العلاقات المعقدة والمهمة في السياسة العالمية.
لا يستطيع أحد أن ينكر الدور التاريخي الكبير الذي لعبته بريطانيا في تأسيس دولة إسرائيل، وذلك لعدة عوامل، منها وعد بلفور الشهير الذي تم تقديمه لعائلة روتشيلد ولثيودور هيرتزل.
هذا الوعد سمح لليهود بالهجرة إلى فلسطين، بينما كانت هناك محاولات للتضييق على أي مسعى فلسطيني للتكتل لمواجهة الخطر القادم. في الوقت نفسه، سمحت السلطات البريطانية لليهود بإنشاء عصابات مسلحة، وتركت كل أسلحة الجيش البريطاني لهذه العصابات عند مغادرتها فلسطين.
على هذا الأساس، كان من المفترض أن تكون دولة الكيان حليفة بريطانيا الأولى. لكن اليهود، بذكائهم، أدركوا أن الشمس بدأت تغرب عن الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس. كما أنهم توقعوا أن الأيام القادمة ستشهد انحساراً في النفوذ البريطاني والفرنسي لصالح ظهور إمبراطورية جديدة ستسيطر على المشهد العالمي، وهي الولايات المتحدة الأميركية.
كان الروس من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل كدولة، لكن اليهود فضلوا التحالف مع الولايات المتحدة. ربما استشعروا أنها ستكون حليفة أفضل لدولتهم على كافة الأصعدة،
بما في ذلك الدعم المالي والاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني. كما أن وجود عدد كبير من اليهود في الولايات المتحدة يشكل لوبي صهيوني ضاغط على الإدارة الأميركية، خاصة أن أغلبهم من أصحاب المال والسلطة وبالتالي النفوذ.
لماذا لم يتحالف الصهاينة مع الاتحاد السوفييتي؟
قد يتساءل البعض لماذا لم يذهب الصهاينة للتحالف مع الاتحاد السوفييتي، بينما هذا ما فعله العرب، خصوصاً عندما احتكرت فكرة التحالف مع الولايات المتحدة لنفسها وبعض الدول النفطية في المنطقة. برأيي،
أن اليهود كانوا أذكياء ودهاة ورأوا مصلحتهم في التحالف مع الولايات المتحدة المتطورة أكثر والتي تمتلك موارد هائلة وكريمة إلى حد السخاء مع حلفائها. بينما كان الاتحاد السوفييتي يطلب تقوية الأحزاب الشيوعية في البلاد التي ستكون حليفته، ولم يكن يمتاز الحكم فيه بالمرونة الموجودة في الولايات المتحدة.
لنأخذ مثالاً بسيطاً في هذه الفترة: الولايات المتحدة ترسل على وجه السرعة منظومات صاروخية مع أطقمها للتصدي لأي رد إيراني على الرد الإسرائيلي المنتظر. بينما الروس، ومنذ سنوات طويلة، أدخلوا إلى سوريا—وهي أهم حليف لهم على شاطئ المتوسط—منظومات صواريخ مثل “أس 300” و”أس 400″،
ولكنهم لا يستخدمونها لردع الكيان الإسرائيلي من قصف سوريا أو يسمحون للسوريين باستخدامها. لذلك، كان رهان إسرائيل على الأميركيين صحيحاً.
الأخطاء التاريخية
أما العرب فقد أضرهم التحالف مع الاتحاد السوفييتي سابقاً ومع الروس حالياً. مثال آخر هو كيف ساعد الروس في هزيمة عام 1967 عندما طلبوا من الرئيس جمال عبد الناصر ألا يكون البادئ بالضربة تجاه الكيان الإسرائيلي. كانت النتيجة هزيمة حزيران عام 1967. لذا كانت العلاقات مع الروس مؤذية أكثر بكثير مما أفادتهم، وكان هذا من أكبر الأخطاء التاريخية التي أثرت على المنطقة سياسياً وعسكرياً وديموغرافياً.
طبيعة العلاقة الحالية
العلاقة بين الأميركيين والإسرائيليين علاقة متشعبة وكأن الكيان الإسرائيلي هو إحدى ولايات الولايات المتحدة الأميركية. حصة إسرائيل من المساعدات الخارجية هي الأعلى مقارنة بأي دولة أخرى. هناك التزام أميركي بالتفوق العسكري والأمني والتكنولوجي لإسرائيل.
لفهم العلاقة بين الحليفين بشكل أفضل، يمكننا مراجعة كيفية تعامل الإدارات الأميركية المتعاقبة مع الكيان الإسرائيلي. صحيح أن الأميركيين هم من يصوتون لانتخاب الرئيس، لكن الرئيس الأميركي ينتخب أولاً في إسرائيل. لذلك، أي شخص يقاتل الكيان الإسرائيلي هو بالتالي يقاتل الولايات المتحدة.
السياسة الأميركية
المشكلة مع الأميركيين تكمن في كذبهم؛ فهم يتعاملون مع قاعدة أن السياسة فن الممكن واستبدلوها بقاعدة ثانية تقول إن السياسة هي كذب وخداع. الولايات المتحدة قادرة على إنهاء مأساة غزة منذ أحد عشر شهراً وأيضاً العدوان على لبنان، لكنها لا تريد لأسباب كثيرة أهمها الرضا الصهيوني.
لا بد أن هناك مصلحة أميركية في هذا الأمر ستظهر مع مرور الأيام. لكن من قال إنه لا يمكن هزيمة الولايات المتحدة؟ إذا أرادت الولايات المتحدة أن تكون شريكة كاملة لإسرائيل فعليها أن تتحمل تبعات موقفها؛ فالأحداث في أفغانستان والعراق وفيتنام ولبنان عام 1983 ما زالت ماثلة في الأذهان.