الخميس - 14 نوفمبر 2024
منذ 4 أسابيع
الخميس - 14 نوفمبر 2024

الكاتب والباحث والاكاديمي صلاح الاركوازي ||


ويسترسل الدكتور غانم في تقديمه ومراجعته لهذا الكتاب حيث يقول …

ان مراكز الدراسات العربية تلعب دورا مهما في ريم سياسة الامن القومي للكيان الصهيوني ‘ حيث إن من المؤسف والمؤلم معا أن منهجية التفكير الإستراتيجي تطورت في الدولة العبرية حتى أضحت واحدة من الدول التي تنتشر فيها مراكز الدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومى ( وهذه واحدة من أهم عناصر قوتها) على المستوى العالمي والمستوى الإقليمي ؛ بينما لا تزال الدول العربية جميعها خالية من مثل هذه المراكز، اللهم إلا باستثناءات أعداد قليلة، ووجودها شکلی، ولا يكاد يكون لها من اسمها نصيب؛ رغم أنها تحمل العناوين نفسها مثل : مركز (كذا) للدراسات الإستراتجية، أو لأبحاث الأمن القومي ! .

ويضيف المترجم ايضا إن قصة ظهور مراكز الدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومي في العالم المعاصر بدأت منذ ما يقرب من قرن مضى. وتطورت بفعل الانتظام المؤسسى، والتراكم المعرفي، والمناخ الحر الذي تعمل فيه، والتفاعل الجاد من مختلف مستويات صنع واتخاذ القرار مع ما تنتجه من بحوث ودراسات.

لقد نشأت هذه المراكز أولاً في الدول التي توصف بأنها كبرى على مستوى النظام الدولى (دول الصف الأول)، ثم قلدتها دول أخرى، وخاصة تلك التي توصف أيضاً بأنها كبرى على مستوى النظم الإقليمية الفرعية أيضا (دول الصف الثاني)، ثم قلدتها دول ودويلات الهوامش والأطراف الأغراض الزينة والديكور الردىء لا أكثر ولا أقل .

في دول الصفين الأول والثاني يحرص صناع القرار ومتخذوه – قدر المستطاع – على أن تظل هذه المراكز مستقلة في جميع أعمالها استقلالاً تاماً عن المنافسات السياسية الداخلية، وبعيدة عن الانحيازات الحزبية، وأن تكون عقلاً يفكر باسم المصلحة القومية العليا ومدافعا عنها، وناصحاً أمينا بما يجب فعله من أجل صونها والتنبيه المبكر بالأخطار التي تتهددها؛ لا أن تكون هذه المراكز – مجرد صوت ينطق بإرادة الحاكم، أو الحكومة، أو الجماعة الممسكة بمقاليد السلطة هنا أو هناك، كما يحدث عادة في دول ودويلات الهوامش والأطراف.

لذلك نجد بان هذه المراكز الدراسات تزود هذا الكيان بما احتاجه من المعلومات بالتعاون مع مراكز واجهزة المخابرات الأخرى وعلى مختلف الاصعدة .

حيث يحرص صناع القرار ومتخذوه، في دول الصف الأول، على تنظيم قنوات اتصال دائمة وسريعة مع مراكز الدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومي الوطنية ويرحبون بإنتاجها العلمي، ويجيدون الإنصات إلى ما توصى به،

وأسعد يوم ( واحدة من الامور التي كانت سببا لنجاحات الغرب هو اهتمامهم وتشجعبهم وتلنهم للكفاءات في اي مكان وليس فقط في دولهم وكلها من أجل المصلحة القومية الاستراتيجية ) يمر بصناع القرار ومتخذيه في تلك الدول هو اليوم الذي يتلقون فيه تقريراً، أو كتاباً، أو دراسة، أو مقالة رصينة من إعداد هذا المركز أو ذاك. ويغمرهم الشعور بالامتنان عندما يشاركهم خبراء تلك المراكز مناقشاتهم وحواراتهم قبل اتخاذ قرارات تتعلق بالمصالح القومية : الإستراتيجية والأمنية التي تهم بلدهم. أما فى دول ودويلات الهوامش والأطراف، فإن مراكزها المسماة إستراتيجية»، أو الخاصة بالأمن القومي تكون هي المغمورة بالسعادة إن سألها يوما سائل، أو استمع إليها مستمع؛ من أشباه صناع القرار ومتخذيه. ونادراً ما يمن هؤلاء بغمر أولئك بمثل هذه السعادة المعكوسة ! .

كذلك يضيف المترجم من ان أكبر عدد من مراكز الدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومي موجود كما قلنا – في الدول الكبرى عالميا والكبرى إقليميا أيضاً. وتحظى بأكبر عدد من هذه المراكز حاليا دول الصف الأول مثل : الولايات المتحدة الأمريكية، تليها كل من روسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين والهند واليابان وتلى هذه الدول دول الصف الثاني (الكبرى إقليميا) مثل : إيران وتركيا، وپاكستان، وإندونيسيا، وماليزيا

وكوريا الجنوبية، وإسرائيل، وجنوب أفريقيا، والبرازيل .

هناك ما يجمع . ولا يوحد بطبيعة الحال – بين دول الصفين الأول والثاني عالميا وإقليميا، وهناك ما يفرق بينها ويفسر – في الوقت نفسه . لماذا تنتشر فيها مراكز الدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومى الجادة وذات الفاعلية، ولا تنتشر بنفس الكثافة والكفاءة في غيرها من الدول. يجمعها أن أغلبها – وليس كلها طبعا – ديمقراطي سياسيا، ورأسمالي اقتصادياً. ويجمعها كذلك أن كلاً منها له – وخاصة من دول الصف الأول – إرث استعماري – قديم أو حديث أو معاصر ، وأن لديها نزعات توسعية خارج حدودها الوطنية،

فضلاً عن أن كلاً منها يتمتع بقدر كبير من القوة العسكرية، والنووية تحديداً، أو لديها رغبة على الأقل لامتلاك هذه القوة، إلى جانب القوة الاقتصادية، وكفاءة مواردها البشرية.

ولكن تفرقها المصالح المتعارضة، والصراعات على مناطق النفوذ، ومحاولات بسط الهيمنة خارج حدودها، والسعى لتأمين أكبر قدر من القوة التي تؤثر في مسارات السياسات العالمية أو الاقليمية على نحو يخدم المصالح القومية لكل دولة من دول السفينة ( الاول والثاني).

يخدم المصالح القومية لكل دولة كبرى من دول الصفين : الأول والثاني .

إذن؛ فالذى يفسر انتشار تلك المراكز فى الدول المشار إليها هو :-

1- امتلاكها للقوة الصلبة العسكرية، والنووية في أغلبها بشكل واضح ،

2- إلى جانب إرثها التوسعى وتطلعاتها لممارسة دور يكافئ مكانتها على مسرح السياسة العالمية أو الإقليمية .

3- كما يفسره أيضا وجود قدر محترم – فى أغلبية تلك الدول – من القوة الناعمة المتمثلة في الديمقراطية والضمانات القانونية والمؤسسية لحرية التفكير والتعبير عن الرأى،

4- إلى جانب القدرات والمهارات البحثية والعلمية، والعمق الحضاري، والتنوع الثقافي .

ومن جانب اخر نجد ان غياب هذه العوامل هو ما يفسر غياب مراكز الدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومى عن الدول الأخرى بما فيها جميع الدول العربية، باستثناءات قليلة تشير إلى وجود بعض المراكز تحت أسماء تشير إلى أنها مراكز للدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومى ؛

وهى فى أغلبها ليست سوى (هياكل مترهلة)؛ لها وجود شكلي بعناوين كبيرة، ولكنها فارغة من المضمون أو تكاد، وعديمة الفاعلية في صلتها بدوائر صنع
واتخاذ القرار، أو تكاد .