الخميس - 14 نوفمبر 2024
منذ 4 أسابيع
الخميس - 14 نوفمبر 2024

الدكتور عامر الربيعي ||

 

في دستور الطغاة لا يوجد مكان للديمقراطية او لتشريعات الحرية التي يرفعونها كشعار، في حال اهتزت مناطق نفوذهم.

يقول فلاديمير لينين في “مختارات” ما معناه ان نشوء الاحتكار نتيجة عدة عوامل منها حيازة المستعمرات، والصراع من اجل مصادر الخامات، ومن أجل تصدير الرساميل، ومن اجل مناطق النفوذ والاقاليم الاقتصادية.

وهنا أود أن أشير الى التغييرات الجيواقتصادية التي كانت تترتب على مد خط الصين [ الحرير والطريق] الذي اعتبره الحلف الصهيو امبريالي ، منافس وجودي لسياسة حيازة المستعمرات القديم الذي يقف عليه النظام الرأسمالي وخطه الحديث المواجه [ الممر] .
اعتماد أدبيات العنف في تثبيت الخطوات الجيواقتصادية من قبل اي مذهب ، يكون باعثا للطغمة المحركة لهذه الخطوات ونزوعا الى السيطرة بدلا من تفعيل مرتكزات الحرية والعدالة والحقوق في اي بيئة اجتماعية تعتبر مهمة في نسقه الحضاري.

مؤتمر باريس لاجل لبنان،

من المؤكد ان يكون وقف إطلاق النار ووقف العدوان الاسرائيلي على لبنان وغزة أمر في غاية الأهمية.

لكن كم من المؤتمرات التي تم عقدها من اجل غزة ، كم من الحشود التي ملأت شوارع العالم الرافضة للهمجية الصهيوامبريالية في غزة ، كما دانت المؤسسات القضائية الدولية هذه الهمجية ، من دون ان يكلف الكيان الصهيوني نفسه بالقبول ولو شكلا بالقرارات الأممية.

سيقام مؤتمر باريس في الرابع والعشرون من هذا الشهر العاشر ،تحاول فرنسا من خلاله الاضطلاع بدور لإيقاف النار في لبنان ، وتأهيل المؤسسات اللبنانية وتقديم المساعدة العاجلة، واعطاء للجيش اللبناني اهمية الى جانب القوات الدولية (اليونيفيل)،

على الرغم من نظرية وهشاشة المقترحات ،بالقياس بمواقف الكيان الصهيوني من القضايا والمجازر التي يرتكبها يوميا بحق المدنين ، يضاف له ضربه للجيش اللبناني والقوات الدولية ، يضفي على مقترحات المؤتمر ابعاد نظرية وحتى غير واقعية مسبقا لأنه لايرقى الى حجم الخطر المحدق بلبنان وفلسطين وحتى سوريا….
(لان طبيعة الهجوم على غزة ولبنان بهمجية وبربرية يمثل حركة لفكرة معينة يراد تطبيقها).

تعتبر فرنسا تأريخيا ذات علاقة استعمارية مع العديد من دول العالم العربي، حيث كانت تحتل تقريبا كل الضفاف العربية المطلة على البحر المتوسط ، المغرب ، الجزائر … مرورا بسوريا ولبنان وفلسطين.

فكان كلما تتبلور قوة الامبريالية الصهيونية كانت تتراجع أمامها الامبرياليات الاخرى التي اعتُبرت قوة في وقت ما، ومنها الامبريالية الفرنسية ، ضعف افقد فرنسا مستعمراتها تباعا في الوطن العربي ، ولم يبقى لها في تلك الدول الا بعض الولاء السياسي من قبل أفراد في تلك الحكومات ، كما هو الحال في لبنان.

بالمقابل ، تحاول فرنسا ان تطل برأسها دوما في قضاياه، والتشبث بأحد قلاع الخلافة الاسلامية، التي انخرطت هي – القلاع العربية- بدور تعدى الوصاية الفرنسية اصلا الى صراع دامي في موازين القوى العالمي ، كان يسمى مسبقا بالصراع العربي – الاسرائيلي ، وما نطلق عليه اليوم [حرب تحررية يقودها المقاومون ضد الامبرالية الصهيونية ] التوسع في المعنى الجيوسياسي و الجيواقتصادي واضح وظاهر ، كما وحشية الامبريالية ظاهرة أيضا.

أين كانت فرنسا من المجازر في غزة ، عام من القتل المدمر ، لم تستطع اي دولة من امتلاك القدرة على تطبيق القانون الدولي ، لماذا أعطى زعماء أوربا وحتى الاتحاد الاوربي الذرائع لبنيامين نتنياهو ، ووقفوا الى جانبه ضد شعب فلسطين الأعزل.
يحمل هذا المؤتمر ابعادا عدة :

– تعاظم صراع اتحادات الامبرياليين فيما بينهم ، فبعد ان كان يعتبر البحر المتوسط بحرا أوروبياً داخليا ، لم يعد كذلك فضفافه الجنوبية لاوربا والغربية بيد الامبريالية الصهيونية في حال نجحوا في تحقيق اهداف الحرب على لبنان وفلسطين ( وهذا بحد ذاته يظهر الاستغلال البشع لجهاز الدولة وإظهارها كأداة ، وبالتالي يضع علامات استفهام على التنظير الفلسفي للدولة في المنظور الغربي بمفرداتها السياسية…).

– – محاولة عودة لبنان الى المربع الأول، دولة تابعة سياسا ، ذات بنية تحتية مدمرة ، عجز مالي والابقاء على التحالف بين الجيش اللبناني والتحالف الدولي ..
– –
– لم تعد لفرنسا ذات الحضوة في لبنان ،بعد هذه الحرب ،فقد تم انتزاع منها خصيصة الشريط الساحلي لسوريا ولبنان وفلسطين.

– وجود عامل الأردن الذي يبحث عن طوق نجاة امام ما ينتظره من أجندة إسرائيلية[ الأردن وطن بديل].

– امتعاض نتن ياهو من تصريحات ايمانويل ماكرون جاء من احتدام الصراع بين الامبريالية الصهيونية وشعبنا وبلادنا من محور المقاومة من جهة ، وبين الامبريالية الصهيونية وحكومات أوربا التي بدأت تفقد الجغرافيا امام حركة رأس المال المالي ، وتأثير ذلك على الأنظمة المالية لها ، مما يفرض عليها وضعا خاصا [ تابع بعدة ابعاد] ليس إلا.

يبقى دوما الميدان الذي يحدد طبيعة الاولويات يقول كلمته الأخيرة.

رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية العربية الاوربية في باريس