أقدار الله كلها خير وإن أوجعتك..!
كوثر العزاوي ||
كلما مرّ الزمان، أدركتُ شيئًا من مُبهَمِ الأسرار، يبصّرني، يصبّرني، يعلّمني معنى الإنتماء الى عالم الملكوت، بأنّهُ رُتبة وغايةٌ ومقام، وليس شعور يتّقد تارة ويخبو تارة اخرى، كما الانتماء الى عوالم المادة،
فيها يسير الحقّ والباطل معًا، وطوبى للغرباء! أما الابتلاءات التي نواجهها في حياتنا هي نعمة من الله، ورسائل حبٍّ وحرص، فطالما قادتنا إلى الله، وزادت من قُربنا منه “عزّوجل” رغم الغفلة والجحود، وكم هذَّبَت نفوسنا، وأشعرَتنا بلطفه ورحمته وكرمه،
وكم عرّفتنا بأننا بحاجة دائمة إلى المطلق، وأنّ الراحل إليه قريب المسافة، وعلينا أن نصِل. وكما علمتنا الصدمات، أنّ من أعظم النعم، ألّا نفقد بوصلة طريقنا إلى الله ولو فقدنا كل شيء، بل كل شيء دون الله يهون، حتى أصبحنا لا نعي معنى السكينة ولا الإطمئنان إلا بقربه”عزوجل”،
وانّ الوحدة بُراق العروج في هدأة الليل، لعمري! ماأثمنها من دروسٍ، وهِبات تمنح المرءَ السكينة، وتختم له شهادة في الإدراك، إدراك حقيقة مَن حولك! إدراك معنى أن نرى الموت سعادة، على أن نعيش حياة بلا هدف،
وإنّ من تذوّق طعم التجارة مع الله، أيقنَ رخص الدنيا بما فيها، فليس العبرة بكثرة الكلام وحياكة الأوهام، إنما الدنيا ليست كما نظنّ سلام ووئام، فحقيقتها عبارة عن محطات تراها مزدحمة، لكنها في الواقع جوفاء تافهة، لا تستحق الوقوف عندها ولا المكوث فيها، فكم فيها من سراب ظنّه الظمآن ماء،
فأعرض عنها وقل سلام.
١٤-ربیع الآخر-۱٤٤٦هجري
١٧-تشرين الأول-٢٠٢٤