نظرية أبي هريرة في الحياد وتطبيقاتها عند بعض الشيعة/1
د. علي المؤمن ||
لا يزال الصحابي الروائي “أبو هريرة” حاضراً في خطاب وسلوك بعض المتدينين والسياسيين الشيعة، من خلال نظريته السياسية القائمة على قاعدتي الحياد السلبي والحياد النفعي بين المتخاصمين، وتحديداً بين الصحابة.
ومآل هذا الحياد اعتزال أي نوع من أنواع الاصطفاف، سواء الاصطفاف مع الصحابي الذي يمثل الحق والخير، أو الصحابي الذي يمثل الباطل والشر، إضافة الى عدم الاصطفاف مع تيار الحياد الإيجابي الذي يهدف الى حقن الدماء ورأب الصدع بين المسلمين؛ برغم أن الحياد الإيجابي لا معنى له بين الحق والباطل.
والمسوغات العقلية والأخلاقية والشرعية التي اختلقها “أبو هريرة” لتمرير نظرية الحياد السلبي والحياد النفعي، هي في الحقيقة مسوغات متهافتة ولا تمت الى أي دين وأخلاق بصلة. وكان أكثر من فنّد هذه المسوغات تفنيداً أخلاقياً وعقلياً ونقلياً هم متكلمو الشيعة وفقهاؤهم وباحثوهم.
ولذلك؛ فإن وعي العقل الشيعي المتدين بهذه الإشكالية هو وعي تراكمي، ولديه القدرة التلقائية على تفكيكها ونقضها. على العكس من العقل السني المتدين، الذي يجد صعوبة بالغة في وعي تهافت نظرية ابو هريرة في الحياد، ويعود هذا التباين في الوعي، الى مصادر التفسير المعرفي لدى الطرفين.
وإذا كان المتدين الشيعي لا يجد مشكلة في وعي تهافت نظرية الحياد النفعي؛ فإن بعض المتدينين والسياسيين الشيعة ظل يعاني من مشكلة مزمنة في وعي المصاديق المستجدة عبر الزمان والمكان لأطراف نظرية أبي هريرة؛ الأمر الذي يجعله يقع في اللبس نفسه الذي وقعت فيه الأطراف التاريخية التي بنى عليها أبو هريرة نظريته.
وعليه؛ فإن المقاربة المطروحة هنا؛ تتناول التزام بعض المتدينين والسياسيين الشيعة أبي هريرة في الحياد، وتحديداً غير المجنّدين من قبل جهات معادية؛ لأن المجنّد لايمتلك موقفاً ووجهة نظر؛ بل هو يعمل وفق أجندة مقيدة لسلوكه وخطابه، وإن كان بصيراً بالحقائق، أما الشيعي غير المتدين فهو غير معني بالمقاربة الدينية هذه، بل هو ربما لا يعترف بوجود ساحة عنوانها الساحة الإسلامية الشيعية.
(التكملة في الجزء القادم)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة “كتابات علي المؤمن” الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64