الراحل منا في عيون وعقول محبيه..!
✍ حسين علي الشيحاني ||
كان الشهيد وسام العلياوي، رضوان الله عليه، مهندس نفط مميزاً في محافظة ميسان، يمتلك منصباً مرموقاً ومرتباً مغرياً يكفل له حياةً مريحة. لكن الشهيد وسام، برغم مغريات الوظيفة ورفاهيتها، كان يرى في واجبه تجاه الوطن نداءً أعلى وأعظم.
عندما أُصدرت فتوى الجهاد الكفائي، رأى وسام أن هذه الفتوى ليست مجرد دعوة، بل واجباً عينياً عليه؛ حيث أدرك أنه بما يملكه من إمكانيات واستعدادات، هو من يجب أن يكون في الصفوف الأولى، ليبذل روحه فداءً لأرضه وكرامة شعبه.
بإيمان عميق وإحساس بالمسؤولية، ترك الشهيد وسام وظيفته ودخل ميدان الجهاد بقلب شجاع، ملتحقاً بركب المجاهدين.
كان مدركاً أن الوطن يحتاج إلى عقول شجاعة وأيادٍ قوية لا تتراجع في مواجهة العدو، سواء كان محتلاً أو إرهابياً. كان يدرك أن وقوفه في الصفوف الأمامية هو تضحية ليست فقط بوظيفته المرموقة، بل بحياته ومستقبله أيضاً.
عُرف العلياوي بشجاعته وحرصه على استيعاب ألم أهالي المناطق التي خاض معاركها، حيث كان يقف إلى جانبهم مقاتلاً ومدافعاً، لكنه كان أيضاً أخاً إنسانياً. كان يقسّم طعامه مع الأهالي، يطبب جراحهم ويواسي أطفالهم ونساءهم. لم يكن فقط مقاتلاً، بل إنساناً يفيض حناناً تجاه من وجدهم متألمين تحت وطأة الحرب.
كانت تلك المعارك بالنسبة له ليست فقط للدفاع عن الأرض، بل دفاعاً عن كرامة وحياة كل مظلوم عراقي.
ومع كل هذا، لم تُكتب نهاية الشهيد في ميادين المعركة، بل جاءت مأساوية في فتنة ميسان؛ عندما جُرح وحيداً دون من يسعفه من إخوته، وبدلاً من يد المساعدة، واجه الضواري البشرية التي أنهت حياته بوحشية، فكانت تلك اللحظة أكثر من مجرد اغتيال، بل كانت محاولةً لإشعال نار الفتنة بين الشيعة أنفسهم، ليدمر المتآمرون عبرها الوحدة العراقية.
لقد أثبتت حكمة القيادة، ممثلة بسماحة الشيخ الأمين قيس الخزعلي، أن دماء الشهيد وسام لم ولن تكون وقوداً للفرقة، بل ستظل رمزاً للتضحية والوحدة. اختارت قيادة عصائب أهل الحق طريق التعقل والتروي، لتقطع الطريق على أعداء الوطن المتربصين، محققين بذلك نصراً أخلاقياً وقف بوجه المؤامرات.
ستظل ذكرى الشهيد وسام العلياوي شاهدةً على النخوة التي تتجاوز مغريات الدنيا، وعلى الشجاعة التي لا تغريها المراتب ولا تخيفها المخاطر، بل تجد عزّتها في البذل والعطاء.