لماذا علينا أن نروي الحقيقة؟!
رياض الفرطوسي ||
عندما تصل الحياة إلى مرحلة من الابتذال والتعفن والتداعي، يصبح من الصعوبة بمكان على الإنسان أن يُميِّز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف. لذلك، فإن الطريقة الوحيدة لكشف أكاذيب الواقع هي أن نروي الحقيقة.
يتحدث المفكر والكاتب جورج طرابيشي في كتابه مذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة عن موضوع الحقيقة بطريقة نقدية معقدة، حيث يشرح كيف تُستخدم أحيانًا الحقيقة كسلاح لتصفية الخصوم الفكريين والأيديولوجيين.
ويبحث في كيف تكون الحقيقة أحيانًا أداة للهيمنة ووسيلة للسيطرة على الساحة من قِبَل بعض التيارات الفكرية والسياسية، حيث يتم إقصاء المختلف واعتباره ضالاً وخارجاً عن النسق المقبول.
يكون خطاب الحقيقة أحيانًا خطابًا مزدوجًا؛ ففي العلن يدّعي الانفتاح، لكن ضمنيًا يسعى لتضييق الفكر وإقصاء الخصوم الفكريين. يمكننا القول إن خطاب الحقيقة أحيانًا يخضع للتلاعب والتفسير حسب المصالح والظروف، مما يؤدي إلى إعاقة تطور الفكر، إذ إن الفكر لا يتطور إلا بالنقاش والنقد، وليس عبر تصفية الآراء المختلفة.