الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024

يا له من قلبٍ عظيم..أمٌ في دار المسنين ترد على الألم بالدعاء..الله يهديهم..!

منذ شهر واحد
الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024

سمير السعد ||

في مشهد مؤثر من داخل إحدى دور المسنين، قُدِّم لأم مسنة سؤال عن أبنائها الذين أوصلوها إلى هذا المكان، وفي لحظة نابعة من وجع القلب، علَّق المقدم قائلاً “حسبي الله عليهم”. لكن المفاجأة كانت في رد هذه الأم، التي لم تترك للألم أو العتاب أن يسيطر عليها، بل ردت بكل هدوء: “لا، لا توجع قلبي، قول الله يهديهم”.

كلماتها هذه تختصر مئات السطور، وتجسِّد قوة حب الأم الذي يتغلب على كل شيء، حتى على مشاعر الفقد والألم. فالأبناء مهما ارتكبوا من أخطاء، يبقى قلب الأم مفعماً بالدعاء لهم، بل ويأبى أن يسمح لأحد بأن ينال منهم بكلمة. الأم العظيمة لا تنتظر رد الجميل، لكنها تحن وتدعو حتى لمن قصروا بحقها، ليكون في هذه الكلمة رسالة عظيمة عن بر الوالدين وفضل الأمهات اللاتي يزرعن بذور الحب رغم كل الظروف.

هكذا يعلِّمنا قلب الأم أن نُحسن مهما قست الظروف، وأن نضع أمام كل جرح دعاءً ومسامحةً.

يستحضر مشهد هذه الأم صورًا عديدة لأمهاتٍ عشن التضحية والتفاني من أجل أبنائهن، ليجدن أنفسهن بعد سنوات العمر الطويلة وحيدات في دور المسنين، لكنهن لا يحملن في قلوبهن سوى الدعاء والمحبة. كم هو مؤلم ومفجع أن يرى المرء تلك القلوب الطيبة، التي أفنت حياتها في العطاء والتربية، تعيش في انتظار زيارة ربما لا تأتي، أو مكالمة تسرع نبضات قلوبهن فرحًا.

ورغم هذا، تستمر هذه الأمهات، بقلوبهن النقية، في نشر عطر الرحمة والإحسان. فحتى حينما يتجرّع القلب مرارة الفراق، لا يملّ من الدعاء: “الله يهديهم”، ليكون دليلاً حيًّا على سموّ الأمومة التي لا تعرف حدودًا ولا شروطًا، فيغدو دعاؤها رسالة مؤثرة لا تحمل أي عتاب أو عتب، بل تسامحًا يتخطى الآلام.

هذا المشهد يعيدنا إلى أهمية بر الوالدين وفضلهم، وكيف يجب على الأبناء أن يدركوا أن قلوب الأمهات مثل تلك الشجرة التي تظلّ تسامح من تحتها، مهما حاول البعض أن يبتعد عن ظلّها. فكل خطوة يخطوها الإنسان في الحياة، تظل مشحونة بدعاء أمه، وكل خير يناله، يكون بفضل هذه الدعوات الصادقة.

خلاصة القول ، يبقى المشهد رسالة مؤثرة ودرسًا ثمينًا بأن الأمهات نعمة يجب أن نشكر الله عليها، وأنه مهما تقلبت الأيام، يبقى البر بالأمهات والآباء أعظم مسؤولية على عاتق كل ابن وابنة.