المفاوضات مع اليهود..!
أمين السكافي ـ لبنان ||
لعبة المفاوضات المباشرة والغير مباشرة مع العدو الصهيوني تحتاج إلى مقدار كبير من الصبر والدهاء والحنكة السياسية فأنت تفاوض أناس هم أساتذة في اللف والدوران والجدال إضافة إلى أنك تفاوض شعبا جادل الله في بقرة.
قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) .
وهؤلاء من جادلوا الله ورسوله في بقرة هم أنفسهم من أرسل الله موسى عليه السلام ليخرجهم من مصر وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) ورغم كل العذاب الذي كانوا فيه والإستسلام للذل والهوان وإغتصاب نسائهم يأتيهم نبي بمعجزات من الله فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ.
قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ، وبعدها ليخرج لهم من الصخر ماء ۞ وَإِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ فَقُلۡنَا ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ فَٱنفَجَرَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا عَشۡرَةَ عَيۡنٗاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۖ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ مِن رِّزۡقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ
وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ۖ كلوا من طيبات ما رزقناكم ۖ وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
لا أعلم حقيقة سر هذا “الدلال” من الله جلن قدرته، لهذا الشعب والذي يدعى ببني إسرائيل طبعا نحن لا يحق لنا ولا نسمح لأنفسنا بالإعتراض على فعل الله في عباده بل هو مجرد تساؤل لنفهم ما هو المغزى وهذا سيدنا إبراهيم طلب من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى فقط ليطمئن قلبه ونحن بنفس السياق نحب أن نفهم هذا الشعب ومع تحريره مما هو فيه من ويلات وعذاب وإستعباد يتم إخراجه من مصر وفلق البحر لهم وظللهم بالغمام وأنزل عليهم المن والسلوى وأخرج لهم من الصخر ماء بعدد عشائرهم..!
ومع ذلك فطريقة مخاطبتهم للذي فعل لهم كل هذا طريقة سوقية وفيها الكثير الغلظة حينما يقولون له أدع لنا ربك ولم يقولوا مرة أدع لنا الله ربنا وربك ولهذا تشير الآية:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾.
وكأنهم هم أصحاب الجميل في أن الله ربهم وليس العكس هو الصحيح بأن الله خالق الأكوان وهم مجرد ذرة في خلقه تراهم يتعاملون مع النبي بقلة أدب وأن يجب على النبي شكرهم لخروجهم معه من مصر العذاب وأنهم هم من يتفضلون على الله ورسوله بأنهم أكلوا المن والسلوى وأنهم جادلوا الله في بقرة أمرهم أن يذبحوها.
وهنا يقول المفسرين أنهم ضيقوا (أي تشاطروا)فضيق الله عليهم وجعلهم يدفعون ثمن البقرة وزنها ذهبا ويقول المفسر بأنهم لو ذبحوا أية بقرة عندما آتاهم أمر الله لأنتهى الموضوع وبعد كل هذا يذهب موسى لميقات ربه ليعود فيجدهم يعبدون العجل الذي صنعوه من أيديهم فكيف يكونون شعب الله المختار وكيف يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين [ البقرة: 47.
والمعلوم للعالمين أنه في زمانهم وعالمهم ومع ذلك عندما يأمرهم الله بدخول أرض العماليق يكون ردهم على نبي الله قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ.
بنفس الطريقة ولم يخجلوا من أنفسهم عندما يتوجهون للرسول بكلمة إذهب أنت وربك بعد كل المعجزات لا زالوا لم يعترفوا به ربا ولذلك أي مفاوض يتواجه مع هذه الشرذمة من شذاذ الآفاق سيتمنى لو بقي على الجبهة تتساقط عليه الصواريخ والقذائف خيرا له من الجلوس على طاولة واحدة للتفاوض المباشر أو الغير مباشر مع إناس دجالين ومرابين وكذابين وأعتادوا على المناورة وعدم الإلتزام بأمر وعدوا به وفوق هذا كله أن نساءهم ولو أصبحوا بغايا لأجل المجتمع اليهودي فلا بأس..!