الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024
منذ شهر واحد
الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024

✍📜 الشيخ الدكتور عبد الرضا البهادلي ||

٤/ ١١/ ٢٠٢٤

🖍عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) قال : كان فيما وعظ الله به عيسى بن مريم ( عليه السلام ) ان قال : يا عيسى أنا ربّك ورب آبائك الأولين ـ إلى أن قال : ـ يا عيسى ابن البكر البتول، ابك على نفسك بكاء من قد ودع الأهل ، قلى الدنيا ، وتركها لأهلها وصارت رغبته فيما عند الله.

شرح الحديث.
📍اولا. يا عيسى أنا ربّك ورب آبائك الأولين:
الله تعالى مرة يعبر عن نفسه بالرب ومرة بالاله ، والفرق بين الاله والرب، فالاله هو المعبود الذي يستحق العبادة ( وَإِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰ⁠حِدࣱۖ لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَـٰنُ ٱلرَّحِی)، والرب هو المالك والمدبر والخالق ( الحمد لله رب العالمين ).

📍ثانيا.يا عيسى ابن البكر البتول :
الله يخاطب اوليائه بارق واجمل والطف الكلمات ، ولذلك يجب على الدعاة إلى الله تعالى ان يخاطبوا الامة والمجتمع والمؤمنين والصالحين بافضل الخطاب وارق الكلمات من اجل جذبهم….

📍ثالثا.ابك على نفسك بكاء …..:
هناك مدح للبكاء في القرآن الكريم بعدة ايات كما قال تعالى ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَ مِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَ مِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْرَاءِيلَ وَ مِمَّنْ هَدَيْنَا وَ اجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُ الرَّحْمَانِ خَرُّواْ سُجَّدًا وَ بُكِيًّا). وهكذا روايات كثيرة ولاجل ذلك لا تجد نبيا او وليا الا وهو يبكي في محضر الله تعالى….
فعن الامام الصادق عليه السلام( كانَ فيما ناجَى اللّهُ عز و جل بِهِ موسَى بنَ عِمرانَ عليه السلام : يَابنَ عِمرانَ ، هَب لي مِن قَلبِكَ الخُشوعَ ، ومِن بَدَنِكَ الخُضوعَ ، ومِن عَينَيكَ الدُّموعَ في ظُلَمِ اللَّيلِ ، وَادعُني ؛ فَإِنَّكَ تَجِدُني قَريبا مُجيبا).

📍رابعا. ظاهرة البكاء عند الانسان الكامل:
الانبياء والرسل والاولياء والائمة الاطهار عليهم السلام معصومون مسددون مؤيدون ، فلماذا البكاء في محضر الله تعالى. اقول : لا شك ان البكاء هنا صفة كمال لانه ليس للدنيا ولكن هل هو للخوف ام الشوق ام الرهبة او فوات امر معنوي او التقصير امام التكليف في قبال نعم الله تعالى الكبيرة لان حق الله اعظم مهما قام العبد من اعمال لله .كل ذلك ممكن .

📍خامسا: تفاوت البكاء بين الانبياء:
كل الانبياء والاولياء والائمة الاطهار عليهم السلام يبكون في محضر الله تعالى ولا فرق بين نبي واخر قي هذا الموضوع، نعم هناك تفاوت بين نبي وآخر في البكاء طول البكاء كما رُوِيَ عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أَنهُ قَالَ : ” الْبَكَّاءُونَ خَمْسَةٌ : آدَمُ ، وَ يَعْقُوبُ ، وَ يُوسُفُ ، وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه و آله ) ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) ” .

📍سادسا. فلسفة البكاء :
البكاء دليل رقة وشفافية ولطافة القلب ، فكلما صار القلب خاليا من الذنوب والخطايا اصبح القلب منكسرا امام الله وأمام اليتيم والمسكين والمريض….
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب .

📍سابعا: المرأة كثيرة البكاء:
قد يقال ان المرأة كثيرة البكاء فهل هذا يعني انها خالية من الذنوب.
اقول : ليس لانها خالية من الذنوب والخطايا والاثام والظلم وانما لشدة عاطفتها ، وكمال المرأة في عاطفتها لان بالعاطفة تستطيع أداء وظيفتها في الحياة كالحمل والولادة وغير ذلك من مقتضيات الحياة…..

📍ثامنا. البكاء لغير الله مبطل للصلاة:
البكاء الممدوح هو ما كان لله ومن خشية الله والشوق الى الله والقرب من الله وهذا اذا صدر من العبد حتى في الصلاة ، لكن البكاء المبطل هو ما كان لغير الله كما يبكي البعض لأجل خسارة دنيوية ….

🤲اللهم وفقنا للبكاء في محضرك خشية ورهبة وخوفا وشوقا يا ارحم الراحمين بحق محمد وال محمد صلواتك عليهم اجمعين…