بين الدفاع عن الإنسانية والتوحش المنحرف: قراءة في مواجهة حزب الله للصهيونية..!
د. عامر الطائي ||
في مواجهة التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، تبرز معركة من نوع خاص، معركة بين إنسانية قابعة في عمق النفس البشرية، وبين توحش يطل بوجه مظلم يُحيل البشر إلى مجرد أدوات لتحقيق مصالحه الضيقة.
إنها مواجهة بين قيم الحق والعنف غير المبرر، بين عزم المقاومة على حماية الإنسانية، وبين عقيدة منحرفة تتذرع بالدين لتبرر أفعالها غير الإنسانية.
وفي هذا الإطار، يأتي موقف حزب الله في لبنان، متصديًا لعقيدة صهيونية لا تستند إلا إلى العنف ضد الأبرياء، مدعية أن “شعب الله المختار” له أحقية تفوق الآخرين.
إن استهداف الأبرياء والمدنيين، وترويعهم في حياتهم، يهدف إلى صنع ضغط نفسي على المقاومة، في محاولة لخلق فجوة بينها وبين الناس.
هذه العقيدة التي يتبناها الصهيونية، عقيدة انحرفت عن القيم الإنسانية، بل وعن القيم الدينية التي يدّعون الارتكاز عليها، إذ لا يمت العنف المتعمد ضد الأبرياء، والدعوة إلى قهر الشعوب، إلى أي دين بصلة.
حزب الله، من جانبه، يقف مدافعًا عن الإنسانية وعن قيم الحق، مقدامًا ضد سياسات لا تعترف سوى بقوة البطش وسلب الحقوق. المقاومة هنا ليست مجرد فعل، بل موقف أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا أو عسكريًا؛ إنها مواجهة لأفكار تريد أن تنسف معنى الإنسانية والتعايش، وهي مقاومة يقف فيها حزب الله اليوم لا دفاعًا عن أرضه فقط، بل دفاعًا عن قيم ترفض أن تُطوّع لصالح نزعة قهرية تحاول أن تتسلل إلى الغرب لتجعل من القيم المسيحية ذاتها مجرد واجهة لفرض السيطرة.
إن فهم الصهيونية للعالم يقوم على تصور غير عادل، حيث يرى البعض أنهم وحدهم البشر، وأن الآخرين ليسوا سوى أدوات لخدمة مصالحهم. هذا الاعتقاد المشوه يدعو إلى التمييز وإلى انتهاك الكرامة الإنسانية، مما يجعل حزب الله، وهو يدافع عن حقه، يدافع عن كل قيم الإنسانية ويقف سدًّا منيعًا ضد محاولات طمسها.
لعل العالم يدرك اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن مواجهة كهذه ليست معركة طرف واحد، بل معركة بين من يحترم إنسانيته وإنسانية الآخر، وبين من لا يعترف إلا بسطوة القوة وأوهام “الشعب المختار”.
حزب الله، إذن، في معركته ضد هذا التوحش، يقف نيابة عن كل القيم التي تحاول الصهيونية تمزيقها، ليصون للأجيال القادمة مفهومًا حقيقيًا للإنسانية التي لا تُختزل في طائفة ولا تنحصر في شعب.