الحاكم الاب والشعب العائلة…!
حسن درباش العامري ||
كاتب وناقد السياسي
عضو الرابطة الدوليه للخبراء والمحللين السياسيين ..
عضو مركز القمة للدراسات الستراتيجيه .
منصب رئيس مجلس الوزراء في النظام السياسي المطبق في العراق بعد ٢٠٠٣ يمتلك الصلاحيات السيادية الكبيرة في السياسة الخارجية فضلا عن السياسة الداخلية وهو منصب في غاية الخطورة لما يمثله لحاضر ومستقبل البلد ،
وتؤكد بعض فقرات الدستور بأن رئيس مجلس الوزراء, مسائل من قبل مجلس النواب من خلال متابعة ومراقبة عمل الحكومة ،ولكن في الواقع العراقي هنالك تأثيرات اخرى غالبا ما تكون اقوى من مفردات الدستور واقوى من امكانية تطبيقها ، من خلال الضغط على عموم مجلس النواب ورئاساته للحيلولة دون اخضاع رئيس مجلس الوزراء وحكومته، لتلك المسائلات وان كان يسير بأتجاهات خاطئة وان كان في عمله اضرارا بالمصلحة الوطنية والسيادة الوطنية والامن القومي للبلد .
ومن اسباب تلك المؤثرات هي قوة الاحزاب واتفاقات الاحزاب ومصالح تلك الاحزاب وحتى مصالح اشخاص تلك الاحزاب التي تتفوق على المصلحة الوطنية وامن البلد ومستقبل اجياله ومعيشة شعبه !!
كما ان هنالك قوة سلبية اخرى لا تتمثل باتفاقات القوة والتأثير وهي قوة التنافر والتناحر بين تلك الاحزاب او شخوصها ،تلك القوة التي تعطي رئيس مجلس الوزراء القوة للانجراف بأتجاهات بعيدة عن المصلحهة الاحزاب وتناحراتها فتجده يحيط نفسه بالمقربين له واشخاص عشيرته واصدقاءه القدامى او اسماء هو يختارها ويظمئن ولائها الشخصي له ،
مع تجاوز شروط المنصب الذي يشغلونه واشتراطاته، من اجل ان يشعر الاخرين بقوته ،وهنا تكون الكارثة !
لان هنالك ثقافة جديدة سائدة وملموسة في المجتمع العراقي في ان يتصرف قريب المسؤول بعدم مسؤولية ( مع وجود الاستثناءات )
اولا وثانيا هو من يتولى الاعمال ماوراء المنصب من عمليات استغلال المنصب وجمع الاموال بطريقة او بأخرى كبيع المناصب ليشتغل بمنصب السمسار لها وتكون بيده مركزية المشاريع بالبلد حيث تمر كل المشاريع من تحت يديه فيكون لكل مشروع ثمنه وقيمته للبيع للمقاول الاول الذي يبيعها لمقاول غيره بعد استقطاع نسبته من الارباح بحسب مايراه مناسبا !
وهكذا حتى تصل الى المقاول المنفذ الذي ينفذها بمواصفات مختلفة عن مواصفات المشروع المقترح.!!! وغالبا ما يكون دخيلا على المهنه ولايمتلك الدراية بالعمل!!
من خلال تلك الضغوطات يندفع شخص رئيس مجلس الوزراء الى تجاوز مفردات برنامجه الحكومي المقدم لمجلس النواب والذي من المفترض ان يكون مسائلا عنه بعد دراسة نسب الانجاز فيه ،فتجده يبتعد عن وعود كان قد قطعها للشعب واهمها تذليل صعوبات الحياة ورفع المستوى المعاشي المتماشي مع نسبة التضخم السنوية الطبيعية ونسبة التضخم الطارئة ،
وكذلك التخلي عن الوعود الجميلة التي ربما تكون سببا لانتخابه ،كما انه يتراجع عن مشاريع لاتد وغالبا ماتجده خاضع للضغوطات الخارجية وينفذ كل مايؤر عليه فائدة شخصيه خاصه !!مر به من اجل الاحتفاض بمنصبه ولو على حساب مصلحة البلد وسيادته فتراه يبني المعامل والمصانع في دول اخرى ولديه استثمارات فيها وبأسماء مستعارة ..
وينشغل عن حاجات بلده ومستقبل اجياله تماشيا مع الرغبة الخارجية الضاغطة ،ويتماشى مع تجاوزات الاحزاب القوية ويتقبل بكل رحابة فساد تلك الاحزاب وشخوصها وسيطرتها على مشاريع ستراتيجية مهمه لحاضر ومستقبل البلد ويرتضي بأي انجاز يحصل حتى لو لم يكن بالمستوى المطلوب وحتى يتقبل تخصيص الاموال المضاعفة عن الاموال التخمينية المرصودة لذلك المشروع ويعتبرها تخصيصات لارضاء ذلك الحزب والقائمين عليه والمتنفذين به.
كل ذلك من اجل ان يمهد لعملية بقاءه ويندفع لخروقات وخيارات غير قانونية كالتجسس على خصومه او التصفيات الجسدية او التسقيط السياسي او شراء اقلام تكتب له او ايجاد من يلمع صورته في عيون الاخرين ،
لذلك تتكرر المشاكل وترحل من دورة الى اخرى وترحل معها مشاريع ستراتيجية وتتكرر معها مآسي الشعب في انتظار منقذ غيره..وهنالك الامثلة الكثيرة عن وزراء معدمين اصبحوا من كبار المستثمرين في دول اخرى واحدهم يمتلك اسطول جوي وشركة نقل جوي في تركيا .. والامثلة كثيرة ..
من الطبيعي ان يكون رب البيت مسؤولا عن اخلاق ابناءه وانعكاسات عائلته بأتجاه المحيط وطريقة تعاملهم وتعاطيهم مع ذلك المحيط ،لانها بالنتيجة هي خلاصة تربية وتعليم تحمل قيم ومفاهيم وثوابت عرفية وخلق ديني والتزامات بتلك المنظومة الخلقية ،ففي حالتي الالتزام او التمرد على تلك الاخلاق فان ارتدادات المجتمع تكون على رب الاسره والمربي هو من يتلقاها دون غيره وهذا ثابت في المجتمعات الشرقية والعربية والاسلامية بشكل خاص ..
لهذا يعتبر الرئيس او المتحكم هنا هو رب الاسرة العراقية الكبيرة ويتوجب ان يتحمل جميع المسؤولية عن اخلاق عائلته وبالخصوص الحلق المحيطة به ثم الاقرب وهكذا..