الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024
منذ 4 أسابيع
الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024

محمد علي اللوزي ||

كشفت الحرب الروسية الاوكرانية وبقوة، أن الغرب لا يمتلك قيما أخلاقية، وأن ميزان العدل مختل عنده، وأنه لا يمتلك رصيدا إنسانيا قدر امتلاكه الظلم والجور وتصدير الكوارث للعالم النامي، وعلى وجه الخصوص القارة الأفريقية التي ينهب مواردها، ويعمل على استلاب شعوبها حريتهم، ويتاجر بالآدمية، بما يعني إننا أمام غرب فاشي النزعة، يرفع راية الحقوق والحريات وقتما يريد، ويتجاهلها وينكرها وقتما يريد، وتحضر العدالة والقوانين الدولية والنداءات الإنسانية والمساعدات بالمال والسلاح وتسخير الآله الإعلامية الجبارة، في الإتجاه المعزز للعنصرية كما هو الحال مع أوكرانيا وإسرائيل، اللتين يبدي الغرب معهما تعاطفا غير مسبوق وانحيازا تام لهما.

ما تقوم به اسرائيل من انتهاك لحقوق الانسان والحريات بشكل مخز ومقرف، يجعل الغرب مدانا أمام الجرائم الصهيونية في حق الفلسطيني الأعزل، واستخدام الفيتو في الكثير من القرارات التي تدين إسرائيل برهان إضافي على الغرب المناف.

كذلك بالنسبة لاوكرانيا يتحول الغرب الى ناسك والى إنساني جدا، حيث يفتح الحدود لاستقبال اللاجئين الاوكران بأعداد مليونية، بينما يغلقها ويسجن ويستجوب كل مهاجر من البلدان الأفريقية او العربية التي حل فيها الدمار بسبب سياسته النازية.

حقوق الإنسان تتحول الى كوارث مع غير العيون الزرقاء والشعر الأشقر، ولعل السجل الاوروامريكي حافل بالجرائم والتدخلات التي لاتنتهي، ورصيد الغرب وتحديدا أمريكا مليء بهذه التدخلات.

كما حدث في (غواتيمالا وندنوسيا وكوبا وفيتنام وكمبوديا ونيكارجوا وليبيا وسوريا والعراق وإيران).

إننا أمام فك مفترس هو الاورو امريكي ومايشتغل عليه من نهب لموارد الدول العالم ثالثية، كماهو على سبيل المثال نهب (فرنسا) لخيرات النيجر ومنها (اليورانيوم) دون مقابل.

إنها سرقة مفضوحة لايقدر عليها غير الغربي القذر أخلاقيا، والذي يبطش بالعالم الحر، ويريده مسخرا له.

لقد مر الغرب بفترات من قهر وإذلال الشعوب لدرجة مخزية. وهو اليوم يقدم نفسه عاريا في السياسة والاخلاق، ويجني عواقب نزوعه العدواني وطيشه واستبداده.

ولعل الحرب الحالية بين روسيا واوكرانيا احد اهم مخرجات رعونته السياسية ومحاولته إضعاف روسيا بتاريخها المهيب ونظافتها أخلاقيا، فهي والصين لايعرفان استبداد الشعوب، ولا تاريخهما استعماري كماهو حال البرتغال وفرنسا والمانيا النازية واسبانيا وبريطانيا وامريكا وكثير من البلدان الغربية.

اليوم تنتج الحرب الحالية قيما اخرى، وتكافؤا في ميزان القوى ووضع حد للهيمنة الاورو امريكية، وتنجز روسيا نصرا للعالم الذي عانى كثيرا من الحروب والدمار بصناعة غربية. وتشكل مع الصين قطبا لعالم جديد يتسم بالتوازن الى حدما.

نحن هنا لانتلضى ولانتشفى لما يعانيه( الاوكران) من ويلات الحرب، ونتعاطف معهم إلى ابعد مدى وندين القتل والدمار.

لكن بالمقابل الغرب من يصنع هذه الحرب. إنه يريد روسيا ضعيغة، هي حرب بين الأورو امريكي والروس، ساحتها اوكرانيا كحال اليمن ساحة حرب لصراع بين دول المنطقة. وإذا كان على (زيلينسكي) الا يقذف ببلده الى الجحيم بوعود غربية، لم يجدها إلا بما يحقق للغرب طموحاته اللعينة في الحد من قوة روسيا وإنهاكها.

وهي تدرك جيدا هذا المخطط اللعين لقد قال (بوتين): أن العقوبات الغربية على بلادنا كانت ستحدث حتى لو لم تقم الحرب.

ولذلك اعد العدة ولن تطول او تستنزف روسيا في امكانياتها كما يهيء للغرب الا بقدر ما يعيشه الأورو امريكي من عقوبات فرضها، وترتد عليه بقسوة، وستجعله يرضخ لروسيا باشتراطاتها عاجلا أم آجلا.

لا مناص من هزيمة الغرب في سياسته المتهورة وما احدثه من نكبات في البلدان العالم ثالثية، التي نراها تتشكل من جديد بفعل تعدد الاقطاب القادم من ركام هذه الحرب بين الغرب وروسيا وبين المقاومة في منطقة الشرق الاوسط والكيان الصهيوني وتحالفاته الغربية والبترودولار العربية.