لماذا “بعض” الكتاب العراقيين في المهجر شجعان؟!
قاسم العجرش ||
إستسهل كثيرون الكتابة، وبات كل من يمتلك كي بورد، أو بقية حبر في قلمه، يكتب بهدف أو بلا هدف..خطة الكتابة لدى هؤلاء، تنحصر في أن يفرغ ما في أمعائه الغليظة على الورقة، ولا تهمه الآثار المترتبة على هذا الإفراغ المقزز..
تقرأ المقال فتجده عبارة عن برميل شتائم؛ الكل حرامية، الكل فاسدون، الشعب قطيع خراف، الساسة عبارة عن بدلة تركية وربطة عنق وحذاء روغان، الصحافة قيء، الأحزاب جميعها لصوص، القوى المجاهدة ميليشيات مسلحة، دوائر ومؤسسات الدولة، حقول لابتزاز المواطن، الشعائر الدينية الحسينية لطم وتمن وقيمة، منذ تسعة عشر عاما لم يتم بناء طابوقة واحدة..الأكراد انفصاليون، السنة دواعش، الشيعة صكاكة..كل شيء سيِّىء بنظر هؤلاء ما عداهم!
هم يتحدثون دوما عن الوطن والمواطنة، وعن المواطن والوطنية، تسألهم ماذا يعني لكم الوطن، فيحيلونك إلى المعنى الجغرافي البسيط، وما زال الكويت في عقيدتهم جزءا من العراق، تحاورهم عن معنى الوطنية فيذكرونك بصدام وحروبه العبثية، تحدثهم عن معنى الولاء للوطن، فيجيبك أحدهم أن القانون فوق الجميع، قرأها بسيطرة عسكرية في أحد مداخل مدينته..القانون فوق الجميع والله ليس كذلك، فقد تصور أن الله يسكن في المسجد فقط، وليس فوق كل الخلائق..!
تتحاور معه عن معنى المواطنة، فيحدثك عن الخدمة العسكرية الإجبارية، وعن الموت في سبيل الوطن، لا يفهمك عندما تقول له إن المواطنة حق وواجب، والتزام متبادل، وأن نعيش في سبيل الوطن أفضل من أن نموت في سبيل الوطن..وأن المواطنة تعني العدل والمساواة في خط الشروع، المواطنة عنده أن يبني غرفة إضافية على رصيف الشارع الذي أمام بيته، ويجادلك أن هذا حقه من النفط..!
إي وشكو بيهه..أحدهم بنى بيتا فوق خط الماء الرئيسي، وحدث كسر في الأنبوب، أضطرت أجهزة الدولة للحفر في إحدى غرف هذا البيت، وعندما انتهى العمال من عملهم، أشهر عليهم بندقية مطالبا إياهم بصب أرضية الغرفة..!
تبحث عن خلفيات هؤلاء الكتاب، تجدهم أناسا خاوين من مبادىء، لا يعرفون معنى القيم، كل خزينهم المعرفي هو قاموس نتن من الشتائم والسباب، يكتبون بحبر آسن..!
الكتابة والنشر مسؤولية، وهي عمل إبداعي يجب أن يكون راقيا برقي الهدف، الذي هو صناعة الوعي، وهي رؤية نجدها غائبة لدى جمهرة كبيرة من حملة الأقلام في بلادنا، الكتابة رؤية استراتيجية ينبغي أن تحقق الهدف.
غياب الرؤية التي تحدد هدف عملية النشر في بلادنا أصبح معضلة تضاف إلى كم المعضلات التي نعانيها، وغياب الاستراتيجية التي تحقق الهدف، تشكل عبئاً كبيراً على المجتمع.
قبل الكتابة على الكاتب أن يجيب عن سؤال: لماذا أكتب وأنشر ولمن وكيف؟ أي لابد من وجود أفكار تبذل للإحاطة بالموضوع المتناول، وهذه قضية مهمة في سياق صنعة الكتابة.
برميل الشتائم يكشف عن مستوى الكاتب الأخلاقي، وعن انحداره المجتمعي، وعن بيئته الحاضنة، وعن نوعية معتقده السياسي.
خلال الأزمات تكون الكتابات السلبية، سيوفا متعددة النصال، كل منها يصيب مقتلا، وإذا لم يفهم القلم مسؤوليته، يتحول إلى قاتل مع سبق الإصرار والترصد، ويستحق مثل هكذا قلم الإعدام رميا بأقلام الرصاص!
صحيح أن الكتابة تفرغ الشحنات السلبية، لكن يجب أن لا يكون إفراغها في رؤوسنا، وهي نوع من أنواع فوضى التفكير، لكن المتلقي ليس بحاجة لها، فالكتابة الإيجابية هي ما نحتاجها..
كلام قبل السلام: الكاتب الشَتَّام يحتاج إلى أن يعود إلى الصف الأول الابتدائي، في صفوف التربية الخاصة، ولا يمكن وضعه مع التلاميذ الأسوياء..عدد ليس قليل من الكتاب الذين يسكنون في المهجر الإختياري، خصوصا في الغرب وأمريكا من هذا النوع من الكتاب، هم شجعان فقط لأنهم ليسوا في العراق، هنا حيث يتعين عليك أن تسير حافيا في حقل من الأشواك دون أن توخزك شوكة..!
سلام…