إسرائيل تُقر بعجزها أمام المقاومة..!
علي جاسب الموسوي ||
٢٠/١١/٢٠٢٤
إسرائيل تستجدي مجلس الأمن: بين فشل الردع وهاجس المقاومة العراقية
قراءة وتحليل الرسالة التي وجهها وزير الخارجية الإسرائيلي الليكودي اليميني جدعون ساعر إلى مجلس الأمن يتطلب تفكيكاً دقيقاً لأبعادها السياسية والأمنية، ودراسة أهدافها من منظور دبلوماسي شيعي مقاوم يدرك عمق الصراع وتداخلاته الإقليمية.
أولاً: الرسالة في سياقها العام
تأتي الرسالة في سياق تصعيد إسرائيلي ضد قوى المقاومة التي تشكل تهديداً استراتيجياً على مشاريع الاحتلال في المنطقة .. تحديد الفصائل بالاسم لأول مرة يعكس رغبة إسرائيل في (تدويل) الصراع مع المقاومة العراقية، وتحويله إلى قضية عالمية تُطرح ضمن أجندة مجلس الأمن.
تحميل الحكومة العراقية المسؤولية وإدراج الحشد الشعبي في قائمة (المتهمين) يهدف إلى خلق ضغط دولي على العراق ومحاولة شيطنته كدولة ترعى ما تسميه إسرائيل “الإرهاب”.
ثانياً: الأهداف الإسرائيلية
1. تشويه صورة الحشد الشعبي والمقاومة العراقية: الحشد الشعبي كهيئة عسكرية رسمية يعكس وحدة وطنية عراقية ويمثل قوة ضد الإرهاب ومشاريع التقسيم .. استهدافه بمثل هذه الاتهامات هو محاولة لإضعافه وقطع الدعم الدولي عنه.
2. التأثير على العلاقة العراقية-الإيرانية: الإشارة إلى (التوجيهات من إيران) تُستخدم كأداة لتحريض المجتمع الدولي ضد طهران وربط أي هجمات على إسرائيل بالمحور الإيراني.
3. تبرير العدوان المستقبلي: القول بأن (إسرائيل تحتفظ بحقها في الرد) يهدف إلى خلق مبررات لأي هجمات إسرائيلية ضد العراق أو فصائل المقاومة، سواء عبر عمليات عسكرية مباشرة أو هجمات سيبرانية وأمنية.
4. إرباك الحكومة العراقية: إسرائيل تسعى لإجبار الحكومة العراقية على اتخاذ موقف ضد فصائل الحشد الشعبي، مما يخلق توتراً داخلياً قد يؤدي إلى إضعاف الموقف الرسمي العراقي أمام شعبه.
ثالثاً: كيف يجب أن يكون الرد العراقي؟
1. تأكيد السيادة الوطنية: يجب على العراق أن يرفض بشكل قاطع أي اتهامات موجهة إلى الحشد الشعبي أو إلى الفصائل المقاومة، مشدداً على أن الحشد هو هيئة رسمية تعمل وفق الدستور والقانون العراقيين.
2. فضح الانتهاكات الإسرائيلية: على الدبلوماسية العراقية أن تقلب الطاولة على إسرائيل بتذكير المجتمع الدولي بتاريخها الطويل في قصف الأراضي العراقية واستهداف قوى المقاومة التي كانت تقاتل الإرهاب نيابة عن العالم.
3. إبراز دور المقاومة: على العراق أن يوضح أن قوى المقاومة هي امتداد طبيعي للسيادة العراقية ونتاج لفتوى المرجعية في الدفاع عن البلاد ضد الإرهاب التكفيري.
4. المطالبة بحماية العراق: بدلاً من القبول بلغة الدفاع، على العراق أن يدعو مجلس الأمن إلى مساءلة إسرائيل عن تهديداتها، وتقديم ضمانات بعدم انتهاك السيادة العراقية.
5. تعزيز الوحدة الداخلية: الرد العراقي يجب أن يكون جامعاً، بحيث يظهر التضامن الحكومي والشعبي مع الحشد الشعبي باعتباره رمزاً للسيادة والقوة العراقية.
رابعاً: قراءة في الدلالات السياسية
توقيت الرسالة يعكس قلقاً إسرائيلياً من تصاعد قوى المقاومة على الساحة الإقليمية، خاصة مع تنامي الحراك الشعبي والتضامن العالمي مع محور المقاومة في غزة ولبنان.
محاولة تصوير العراق كـمعتدٍ تأتي في إطار المساعي الإسرائيلية لتغيير الأولويات الدولية من التركيز على جرائم الاحتلال في فلسطين إلى ما تسميه (التهديد الإيراني-العراقي).
خامساً: الرد الإعلامي والدبلوماسي
يجب على العراق وقوى المقاومة استغلال هذه الرسالة لإظهار إسرائيل كدولة عدوانية تسعى لتأجيج الصراعات.
التركيز على تضليل إسرائيل في تحميل العراق مسؤولية أفعال دفاعية مشروعة ضد الاحتلال، مقابل صمت دولي عن الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين ولبنان.
الرسالة الإسرائيلية ليست مجرد وثيقة سياسية، بل جزء من استراتيجية أوسع لتحجيم قوى المقاومة وضرب مشروعها، مما يتطلب رداً عراقياً شيعياً مقاوماً يجمع بين الحكمة الدبلوماسية والصلابة السيادية، مع استثمار هذه الفرصة لتوسيع دائرة الدعم للمقاومة وإحراج الاحتلال دولياً.