الخميس - 28 مارس 2024

قراءة في التحديات المستقبلية لوباء كورونا المستجد كوفيد ١٩ في العراق

منذ 4 سنوات
الخميس - 28 مارس 2024

د . سامي شاتي ( مهتم بالشؤون الصحية ) .

مضى شهر على اكتشاف اول إصابة بفايروس كورونا المستجد في النجف الأشرف ، ثم توالت بعد ذلك ظهور الحالات المرضية وتشخيصها بشكل توكيدي مع عودة المسافرين العراقيين من الجارة ايران والتي تعد إحدى البؤر الرئيسة لهذا الوباء في المنطقة ، وتصاعد تسجيل الحالات المرضية المشخصة من حالة أو حالتين يوميا ليتسع نطاق الوباء في الاسبوع الثالث والرابع منتشرا بصورة افقية في اوساط المجتمعات المحلية حتى أصبح معدل الإصابات ٣٠ حالة مشخصة يوميا .
وهنا يبرز سؤال مهم عن مسار الوباء في العراق ، وجوابه ان هناك نماذج احصائية متعددة للتعامل مع هذا المسار ، وفي حال استفادتنا من النموذج الصيني فيكون المسار وفق المراحل الآتية :
١. مرحلة الإصابات المنفردة
٢. مرحلة تسارع الإصابات
٣. مرحلة الإنتشار الواسع ( الذروة )
٤. مرحلة السيطرة على الإنتشار
٥. مرحلة النزول والتعافي .
ولا يمكن لنا وضع توقيتات زمنية لكل مرحلة لانها تعتمد على جملة من العوامل التي تخص الإجراءات الحكومية و استجابة المجتمعات وتوفر الموارد وغيرها .
ويمكن لنا ان نضع العراق وفق المؤشرات العلمية المعلنة حاليا ضمن المرحلة الثانية وهي ( تسارع الإصابات ) بسبب تزايد الأعداد المسجلة وانتشارها في أغلب المحافظات على الرغم من إجراءات تقييد السفر وإيقاف الدوام في أغلب المؤسسات الرسمية طيلة الفترة الماضية .
وهذا يضعنا أمام ثلاث احتمالات لمسار الوباء في العراق :
الاحتمال الاول : باستطاعتنا النجاح والسيطرة على الوباء في حال التزام أفراد المجتمع في سياسة التباعد الإجتماعي والانعزال لكسر سلسلة إنتقال الوباء مع التزام أخلاقي وقانوني في الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها والإلتزام بتنفيذ سياسة الحجر الصحي للحالات المشتبه بها أو العزل للحالات المشخصة ، مع تنفيذ المؤسسات الصحية لسياسة فعالة في تشخيص الحالات المرضية وعزلها وتوفير المتطلبات العلاجية المتكاملة لها .
الاحتمال الثاني : ان يستمر المنحى بالصعود وندخل المراحل التي سبق الإشارة إليها في النموذج الصيني في حال بقاء مستوى الإلتزام متذبذبا من قبل المجتمع وضعف الإجراءات الحكومية وهذا يعني دخولنا في أزمة صحية خطيرة قد نصل بها الى ٢٥٠ ألف إصابة مرضية خلال فترة زمنية تمتد إلى ٩ شهور أو ١٢ شهر ، وإذا احتسبنا نسبة ٥% من الحالات تصل إلى المراحل الحرجة من المرض فهذا يعني اننا نتكلم عن أكثر من ١٠ آلاف حالة مرضية حرجة تحتاج إلى أجهزة عناية تنفسية علما اننا نمتلك أقل من ١٠٠٠ جهاز عناية مركزة في العراق ونقص كبير في الملاكات الطبية والصحية والتقنية والهندسية المدربة والمؤهلة للعمل في ردهات العناية المركزة .
الاحتمال الثالث : اننا لا سامح الله نسير الى السيناريو الإيراني أو الإيطالي الكارثي والمؤلم في حال زادت الخروقات المجتمعية مثل بقاء الزيارات الدينية والتجمعات البشرية الأخرى ، أو فشل الإجراءات الحكومية لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية ، ولن نستطع التكهن بمصير البلد ومدى تحمله أزمات إنسانية بهكذا مستوى خطير ومؤلم .
ونخلص بعد تلك الاحتماليات إلى ان المستقبل القريب والبعيد يعتمد علينا جميعا كأفراد وجماعات عراقية في مدى التزامنا بالإجراءات والتعليمات الصحية الصادرة عن المؤسسات الرسمية وقدرتنا على التحمل والصبر والتكاتف المجتمعي والارتقاء الى مستوى التحدي ، وكذلك قدرة الحكومة على تطوير آليات تعاملها مع الأزمة وتسخير الموارد كافة للسيطرة على الوباء بالاستفادة من الخبرات المحلية والاقليمية والدولية لتجاوز المحنة بأقل الخسائر والتضحيات .
د.سامي شاتي
ــــــــــــــــ