الاثنين - 28 ابريل 2025

إيران..قاعدة الوفاء وثبات المواقف..!

منذ 4 أشهر
الاثنين - 28 ابريل 2025

د. محسن العكيلي ||

منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، تميّزت سياستها الخارجية بميزة قلّما توجد في العلاقات الدولية اليوم، وهي الوفاء للشركاء والحلفاء، مهما بلغت التعقيدات أو اشتدت التحديات. هذا المبدأ لم يكن شعارًا فارغًا، بل مبدأً مترسخًا في منظومتها الأخلاقية والدينية، يتجسد في مواقف عملية عبر محطات تاريخية مختلفة.

إيران أثبتت التزامها بحلفائها في لحظات الحسم، كما كان واضحًا في علاقتها بالعراق خلال حرب “داعش”. عندما اجتاح هذا التنظيم الإرهابي مناطق واسعة من العراق عام 2014 وهدد العاصمة بغداد، لم تتردد إيران في تقديم الدعم العسكري والاستراتيجي من خلال فيلق القدس بقيادة الشهيد قاسم سليماني. لقد وقفت مع الشعب العراقي في لحظة مصيرية، ولم تنتظر أي موافقة أو إذن دولي، بل اعتبرت الوقوف مع العراق واجبًا دينيًا وأخلاقيًا، وهو ما ساهم بشكل كبير في دحر الإرهاب واستعادة السيادة العراقية.

وفي لبنان، كان دعم إيران لحزب الله نموذجًا آخر للوفاء والثبات. خلال حرب تموز 2006، حين واجه لبنان عدوانًا إسرائيليًا غير مسبوق، كانت إيران الحليف الذي لم يتأخر في تقديم الدعم بكل أشكاله، سواء كان ذلك دعمًا عسكريًا، اقتصاديًا، أو سياسيًا. هذا الدعم ساهم في تحقيق المقاومة اللبنانية نصرًا استراتيجيًا غير مسبوق على العدو الإسرائيلي.

أما في فلسطين، فإن الدعم الإيراني للفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتي حماس والجهاد الإسلامي، كان دائمًا حاضرًا وملموسًا. حين حوصرت غزة لسنوات طويلة، كانت إيران واحدة من الدول القليلة التي لم تقطع إمداداتها من الأسلحة والموارد، وساهمت في تعزيز قدرات المقاومة الفلسطينية، كما تجلى في معركة “سيف القدس” عام 2021، حين وصلت الصواريخ الفلسطينية إلى عمق الأراضي المحتلة، ما أربك حسابات الاحتلال الإسرائيلي وأثبت فعالية الدعم الإيراني الطويل الأمد.

الوفاء الإيراني لا يقتصر على الدعم العسكري فحسب، بل يمتد ليشمل الأبعاد السياسية والدبلوماسية. عندما تعرضت سوريا لحرب عالمية مصغرة، حيث اجتمع الخصوم الإقليميون والدوليون لإسقاط النظام السوري، كانت إيران أول من قدّم الدعم الشامل لدمشق، متحملةً بذلك ضغوطًا دولية هائلة وعقوبات اقتصادية غير مسبوقة.

حتى في اليمن، ورغم شدة الحصار والعزلة التي فُرضت على هذا البلد، واصلت إيران دعمها للشعب اليمني في مواجهة العدوان، معتبرةً أن الوقوف مع المظلومين هو جزء لا يتجزأ من عقيدتها.

ما يميز السياسة الإيرانية هو التزامها بخطوطها العريضة، حيث لم تُعرف عنها حالات من التقلب أو المساومة على الحلفاء تحت ضغط الظروف أو الإغراءات. إيران تُدرك أن التحالفات لا تُبنى على المصالح المؤقتة، بل على المبادئ المشتركة والثقة المتبادلة، وهو ما جعلها شريكًا يُعتمد عليه في كل ساحات المواجهة.

ختامًا، الوفاء هو حجر الزاوية في سياسة إيران تجاه حلفائها. هي دولة لا تقف عند حدود الكلمات، بل تعمل على تحويل التزامها إلى واقع ملموس، ما يجعلها قوةً لا يستهان بها في بناء شراكات قائمة على الثقة والصدق.