الأحد - 05 يناير 2025

من النقد الهدّام إلى البناء المثمر: كيف نحول أوقاتنا إلى طاقات إيجابية؟!

منذ 3 أيام
الأحد - 05 يناير 2025

د. عامر الطائي ||

 

كم من أوقات ثمينة نهدرها في النقد السلبي، نقدٌ لا يغرس أملاً، بل يزرع اليأس في النفوس، ويقتل الطموح في المهد. هذا النقد الذي يلاحق الجهود والأفكار والمشاريع، لا ليوجهها نحو الصواب، بل ليقلل من شأنها، ويضعف عزيمة أصحابها. إن هذه الظاهرة التي تتفشى في مجتمعاتنا، ومنها المجتمع العراقي، تمثل أحد أكبر عوائق التقدم والبناء.

إن جلساتنا أصبحت، في كثير من الأحيان، منصات لتبادل النقد السلبي بدل أن تكون ساحات لتلاقح الأفكار، وورش عمل تُنتج مشاريع تنهض بأفراد المجتمع. وهذا، بلا شك، يعود إلى عوامل عدة، منها أوقات الفراغ التي تُدار بلا تخطيط، وفقدان الهدف الذي يجعل الإنسان مشغولاً بما ينفع.

لقد حذرنا الإمام السجاد (عليه السلام) في دعائه قائلاً: “اللهم اجعل شغلنا فيما تحب وترضى.” نحن، كأبناء لمدرسة النبوة والإمامة، مدعوون لتحويل أوقاتنا إلى طاقات منتجة. كيف نحقق ذلك؟

• أولاً: استثمار العقول:
علينا أن نجعل من جلساتنا منصات لتبادل الأفكار الإيجابية. بدلاً من الحديث عن إخفاقات الآخرين، لنبحث عن حلول لتحدياتنا المشتركة، ولننظر في المشاريع التي تستحق الدعم والتطوير.

• ثانياً: توجيه النقد نحو البناء:
النقد في ذاته ليس مشكلة، بل هو أداة. ولكن علينا أن نحوله إلى نقد بنّاء، يقدم البدائل ويقترح الحلول، بدلاً من التوقف عند الهدم.

• ثالثاً: استغلال أوقات الفراغ:
لنجعل من أوقاتنا فرصاً للتعلم والإبداع. يمكننا تنظيم ورش عمل وجلسات عصف ذهني، أو حتى لقاءات ودية تهدف إلى استكشاف مشاريع جديدة، مهما كانت صغيرة.

• رابعاً: تشجيع الشباب وصناعة الرجال:
إن الاستثمار في العقول الشابة يبدأ بالثقة بها وتشجيعها على الابتكار. بدل إحباطهم بالكلمات المثبطة، لنعمل على إشعال حماسهم وتهيئة السبل لتحقيق أفكارهم على أرض الواقع.

المجتمع الذي يستثمر في أبنائه وطاقاته هو مجتمع يزدهر. أما المجتمع الذي يُهدر وقته في النقد السلبي، فهو كمن يبذر بذور الهزيمة في أرض خصبة كان يمكن أن تكون مزرعة للنجاح. فلنكن جميعاً طاقات متوهجة تضيف نوراً إلى المجتمع، وتدفع الجميع نحو العمل والبناء.

“والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا”— فلنجاهد أنفسنا ونُدربها على استثمار الوقت والفكر والجهد فيما ينفعنا وينفع مجتمعنا.