الخميس - 13 فيراير 2025

دور العشائر في إعادة تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي في العراق..!

منذ شهر واحد
الخميس - 13 فيراير 2025

د. محسن العكيلي ||

 

مقدمة

لعبت العشائر العراقية دورًا محوريًا في بناء النسيج الاجتماعي والسياسي للعراق على مدى العصور. وتُعد العشائر إحدى أهم الركائز التقليدية التي أثرت في تشكيل هوية المجتمع العراقي، حيث تميزت بقدرتها على الصمود والتكيف مع التحولات التاريخية المختلفة. وفي ظل التغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدها العراق بعد عام 2003، ازداد تأثير العشائر، مما جعلها عاملاً أساسياً في إعادة تشكيل المشهد العراقي.

– دور العشائر في المشهد الاجتماعي
1. الروابط الاجتماعية القوية:
تعتبر العشائر مركزًا لتقوية الروابط الاجتماعية من خلال النظام العشائري القائم على التعاون والتضامن. ورغم التحديات التي فرضتها العولمة والحروب، ما زالت القيم العشائرية، مثل النخوة والشرف والولاء، تمثل ركيزة للتماسك المجتمعي في العراق.
2. حل النزاعات:
العشائر العراقية تلعب دور الوسيط لحل النزاعات الاجتماعية والاقتصادية بعيدًا عن النظام القضائي الرسمي. مجالس الفصل العشائري أصبحت بمثابة محاكم تقليدية تحظى بثقة الناس، خاصة في المناطق الريفية وبعض المناطق الحضرية.
3. التكافل الاجتماعي:
خلال الأزمات الاقتصادية والأمنية، أظهرت العشائر قدرتها على تقديم الدعم للأفراد والجماعات، سواء من خلال المساعدات المالية أو التضامن في مواجهة التحديات، مثل النزوح الداخلي أو آثار الحروب.

– دور العشائر في المشهد السياسي
1. التمثيل السياسي:
بعد سقوط النظام السابق عام 2003، أصبح للعشائر دور مباشر في العملية السياسية. فقد عمدت العديد من القوى السياسية إلى استقطاب رؤساء وشيوخ العشائر لضمان دعم قواعدهم الشعبية، وهو ما منح العشائر نفوذًا كبيرًا في البرلمان والحكومة.
2. الوساطة بين الدولة والمجتمع:
لعبت العشائر دور الوسيط بين الحكومة والمجتمع في العديد من الأزمات، مثل أزمة الإرهاب في مناطق غرب العراق. كما ساعدت العشائر في تنسيق الجهود مع القوات الأمنية لاستعادة الاستقرار في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش.
3. إعادة بناء المناطق المحررة:
بعد تحرير مناطق واسعة من سيطرة الجماعات المسلحة، ساهمت العشائر في إعادة بناء المجتمعات المحلية، سواء من خلال المصالحة بين القبائل أو دعم جهود إعادة الإعمار.
4. التأثير الانتخابي:
تعد العشائر قوة انتخابية فاعلة في المشهد السياسي العراقي، حيث تستطيع توجيه أصوات أفرادها لصالح مرشحين محددين. وهذا يجعلها طرفًا لا يمكن تجاهله في الانتخابات المحلية والعامة.

– تحديات الدور العشائري

رغم الأدوار الإيجابية التي تلعبها العشائر، إلا أنها تواجه عدة تحديات:
• تسييس العشائر: أدى ارتباط بعض شيوخ العشائر بالأحزاب السياسية إلى فقدانهم جزءًا من مصداقيتهم الاجتماعية.
1. الانقسامات الداخلية: ضعف النظام العشائري في بعض المناطق بسبب النزاعات الداخلية والانقسامات الطائفية.
2• التغيرات الثقافية: تواجه العشائر تحديات ناتجة عن تغير القيم الاجتماعية وتراجع تأثير النظام العشائري في المدن الكبرى.

– مستقبل العشائر في العراق

مع استمرار التحولات السياسية والاجتماعية، يبقى مستقبل العشائر العراقية مرتبطًا بقدرتها على التكيف مع المستجدات. ويمكن تعزيز دور العشائر من خلال:
1. تعزيز المصالحة الوطنية: الاستفادة من مكانتها الاجتماعية لتحقيق مصالحة وطنية شاملة.
2. التثقيف السياسي: توعية شيوخ العشائر بدورهم كقادة اجتماعيين بعيدًا عن الاستغلال السياسي.

– خاتمة

تلعب العشائر العراقية دورًا مركزيًا في إعادة تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي في العراق، باعتبارها مؤسسة اجتماعية عريقة تساهم في حفظ التوازن بين الدولة والمجتمع. ورغم التحديات التي تواجهها، يبقى للعشائر دور كبير في بناء عراق مستقر ومزدهر إذا ما استثمرت إمكاناتها بالشكل الصحيح.