أثر دخول الطائرات المسيرة في دول مجلس التعاون الخليجي على قواعد الاشتباك الاقليمي..!
أ. د. جاسم يونس الحريري ||
بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
للاتصال بالكاتب:- [email protected]
اشترت السعودية في عام2014 مسيّرتين صينيتين من نوع سي إتش-4، وخمسة من نوع وينغ لونغ II.وفي ذات الوقت حاولت المملكة العربية السعودية تطوير صناعتها الخاصة في هذا المجال معتمدة على الشراكة مع شركة ((الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية))،
ومهمتها دعم المملكة في إنشاء مصنعها الخاص لصناعة الطائرات المسيرة . وأنتشرت اخبار عن حصول دولة الامارات العربية المتحدة في عام2017 على طائرات مسيّرة صينية من نوع وينغ لونغ II ،.
ويبدو من هذه المحاولات الخليجية لامتلاك خبرات صناعة الطائرات المسيرة من الصين أنه أثار قلق الولايات المتحدة الامريكية ،لاسيما أن الكونغرس ووزارة الخارجية عبروا عن تحفظات تجاه تصدير هذه التكنولوجيا إلى الدول الخليجية.
لكن ذلك لم يمنع البنتاغون بداية عام 2020 من بيع الطائرات المسيّرة ((بريداتور)) للإمارات و((ريبر))لقطر، وذلك في سياق أبعاده شركائه الخليجين من الاعتماد للأسلحة الصينية.
وفي تطور اخر حظيت الطائرات المسيرة التركية، التي تصنعها شركة “بايكار” للصناعات الدفاعية، باهتمام مختلف الجيوش الخليجية؛ نظراً إلى دقتها وفعاليتها في الرصد، وإصابة أهدافها بدقة عالية.
واتجهت جيوشها إلى إبرام صفقات عسكرية بمبالغ مالية ضخمة مع تركيا من أجل الحصول على طائرات بيرقدار “تي بي 2″، وضمها إلى أسلحتها الجوية، وتعزيز تسلحها من خلال الحصول على خدماتها.
وتعد دول مجلس التعاون من ضمن عدة دول أبدت رغبتها في الحصول على خدمات الطائرات المسيرة التركية، وهو ما أكده الرئيس التنفيذي لشركة “بايكار” للصناعات الدفاعية، ((هلوك بيرقدار))،في تصريح له في سبتمبر 2022، بأن شركته لديها طلبات متراكمة حتى ثلاث سنوات لغاية عام2025.
وقد أغرت الدول الخليجية للاعتماد على الخبرة التركية في صنع الطائرات المسيرة لما تتمتع به طائرات بيرقدار “تي بي 2” بإمكانيات فنية عالية في تنفيذ مختلف مهام الاستطلاع والاستهداف ودعم العمليات العسكرية، بالإضافة إلى توفيرها للمعلومات الاستخباراتية، كما أنها تمتاز بقدرتها على حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة، ومن ضمنها الصواريخ الموجهة بالليزر والقنابل الذكية.
وتعتبر بيرقدار “تي بي 2” أفضل الطائرات بدون طيار في العالم من حيث الاستخدامات المتعددة؛ حيث إنها تأتي بطول 6.5 متر وعرض 12 متراً وقدرة على التحليق بحمولة تصل إلى 650 كغ كحد أقصى، ومدى يصل إلى 150 كم، وبسرعة تصل إلى 70 عقدة (130 كم) وقدرة على الطيران أكثر من 24 ساعة دون انقطاع.وتصنف ضمن الطائرات العسكرية التكتيكية (مراقبة وهجوم)؛ إذ يمكنها التحليق على ارتفاع 20 ألفاً إلى 27 ألف قدم (نحو ثمانية آلاف متر)، وحمل معدات بوزن 150 كيلوغراماً.
وفي مساء 17 يوليو 2023، أعلن وزير الدفاع السعودي((خالد بن سلمان))، توقيع ((الخطة التنفيذية للتعاون الدفاعي)) مع نظيره التركي ((يشار غولر)).وأكدها في تغريدة على حسابه بـ”تويتر قائلا “، أن هذه الاتفاقية تأتي “تتويجاً لمسار التعاون بين البلدين في المجالين الدفاعي والعسكري”.
وأكد كذلك((أنه جرى التوقيع على عقدَي استحواذ بين وزارة الدفاع وشركة “بايكار” التركية للصناعات الدفاعية، تستحوذ بموجبهما وزارة الدفاع على طائرات مسيَّرة؛ بهدف رفع جاهزية القوات المسلحة، وتعزيز قدرات المملكة الدفاعية والتصنيعية.وتستهدف الخطة التنفيذية بين وزارتي الدفاع مجالات القدرات والصناعات الدفاعية والأبحاث والتطوير، وإنتاج وتطوير الصناعات العسكرية الدفاعية، وتبادل الخبرات، ونقل وتوطين التقنيات الخاصة بالإنتاج الدفاعي والعسكري.
بدوره يشتمل عقدا الاستحواذ اللذان وقعتهما “الدفاع السعودية” مع الشركة التركية على توطين صناعة الطائرات المسيَّرة والأنظمة المكونة لها داخل المملكة بمشاركة الشركات الوطنية المتخصصة في الصناعات العسكرية والدفاعية)).
وقبل ذلك بشهر ونيف وتحديداً في 13 يونيو 2023، أعلنت ((وزارة الدفاع الكويتية)) في بيان، توصلها إلى اتفاق لتوريد منظومة الطائرات بدون طيار من بيرقدار “تي بي 2” التركية بقيمة 367 مليون دولار، وذلك عن طريق التفاوض المباشر بين حكومتي البلدين دون دخول أي وسطاء.ويشمل العقد، وفق الوزارة، ((تجهيز منشآت خاصة لتلك الطائرات تتضمن تسليح الطائرات، ومعدات الحرب الإلكترونية، ومحطات التحكم الأرضية المتنقلة والمتوافقة مع معايير حلف شمال الأطلسي، وتوفير الصيانة اللازمة والإمدادات اللوجستية لها مع ضمان مدة الصلاحية لجميع قطع الغيار خلال مدة العقد.
كما يشمل العقد توفير معدات الدعم والاختبارات الأرضية، وتدريب الطيارين والفنيين من الكوادر الوطنية، وتوفير جميع النشرات الفنية المطورة، وجميع ما يطرأ من تحديثات على المنظومة وتوابعها، وإنشاء نظام للمحاكاة، مع توفير الدعم الفني لمدة 3 سنوات)).
وتريد الكويت من وراء الحصول على الطائرات المسيرة التركية تعزيز القدرات الدفاعية الجوية للجيش الكويتي.
الإمارات هي الاخرى ، التي تحسنت علاقاتها مع تركيا بشكل كبير، حصلت أيضاً على تلك الطائرات، وضمتها إلى الأسلحة التي تمتلكها. ففي سبتمبر 2022، انتشرت معلومات عن حصول الإماراتيين على 20 طائرة مسلحة من طراز “بيرقدار”، وسط سعي من أبوظبي للحصول على مزيد منها.وسبق أن كشف تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن وجود مفاوضات بين الإمارات وتركيا لإبرام صفقة شراء كبيرة لطائرات بيرقدار “تي بي 2”.
ونقل الموقع، أنه في أغسطس 2022، عن مصدرين مطلعين قولهما إن المفاوضات بدأت بين شركة بايكار التركية وشركة “توازن”، التي تعد الجهة المسؤولة عن إدارة الاستحواذ والمشتريات والعقود الدفاعية والأمنية لكل من القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة وشرطة أبوظبي، منذ مارس2022.وإلى جانب الإمارات، أبدت السعودية رغبتها في الحصول على الطائرات المسيرة التركية، وهو ما أكده وزير الخارجية التركي السابق، ((مولود تشاووش أوغلو))، وهو ما تحقق بالاتفاقية الموقعة بين وزارة الدفاع السعودية وشركة “بايكار” التركية للصناعات الدفاعية،
وحسب ما أكده تشاووش أوغلو، في ديسمبر 2022، فإن تركيا تلقت عرضاً من السعودية لإنتاج الطائرات المسيرة بشكل مشترك.أيضاً، ففي سبتمبر من ذلك العام ذاته، أن الرياض تتفاوض للحصول على الطائرات المسيرة، وترغب في القضاء على فعالية الطائرات الإيرانية المسيرة، في حالة حصولها على “تي.
بي 2” التركية. ومن جانب اخر يعد الجيش القطري المستخدمَ الخليجي والأجنبي الأول للطائرة التكتيكية بدون طيار من طراز بيرقدار، بموجب اتفاق تم توقيعه في مارس 2018، بين القوات المسلحة القطرية وشركة “بايكار” التركية لصناعة الطائرات.
وأتمت أنقرة، في مايو 2021، تسليم 6 طائرات منها للقوات المسلحة القطرية، كما تضمن التسليم 3 محطات للتحكم الأرضي.وأصبحت الطائرات المسيرة التركية جاهزة للاستخدام في قطر، حيث تدرب فريق من الجيش القطري على استخدامها.
في الختام نقول أن حصول الجيوش الخليجية على الطائرات المسيرة التركية سيزيد من قوة وفعالية القوات العسكرية لتلك الجيوش في الجو وعلى الأرض، وتحقيق نقاط قوة لها،إضافة إلى تحصين مواقع حساسة فيها.
في الوقت أن المضادات الأرضية غير فعالة بشكل كبير لإسقاط الطائرات المسيرة أو رصدها،وهو ما يجعلها محط اهتمام كبير من قبل الجيوش الخليجية.