الخميس - 13 فيراير 2025
منذ 4 أسابيع
الخميس - 13 فيراير 2025

د. أمل الأسدي ||

 

قد تسمع عن مفهوم التطهير لدی أرسطو، وتسمع عن قدرة الفن الدرامي علی التأثير بالمتلقي ومساعدته في التفريغ والتخلص من الشحنات السلبية، وتسمع عن هدف الفن ووظيفته الجمالية،

وتسمع عن متعة المشاهدة، وتسمع عن قدرة الفن علی بناء المجتمع والأسرة والفرد وتهذيب السلوك إذا ما كان العمل يهدف الی الجمال ومحاربة القبح وتمظهراته، قد تسمع بكل ذلك؛ ولكن أن تراه وتعيشه بكل تفاصيله، وتحلّق مع الفكرة والمغزی،

وتتخلص من الأعباء، وتتحرر نفسك من القيود، فهذا لايكون إلا بمتابعة عملٍ درامي روحيٍّ مدهش علی الأصعدة كافة، مثل المسلسل الإيراني

“ملكوت” فأنت وعلی مدار ثلاثين حلقة تتعرض لعصفٍ نورانيٍّ، فتركض نفسك الی الماضي وتراجع وتصحح، وتحلّق عاليا لتسامح وتصفح، وتجلس أنت في مكانك متمسكا بالزمن ولحظاته لتبني وتؤسس لحياتك الأبدية قبل فوات الآوان!.

مع مسلسل” ملكوت” تدرك أهمية الزمن، تدرك أهمية أن تكون أنت صاحب القرار قبل أن يكون غيرك هو المتحكم بقراراتك، وهو المسؤول بالتقرير بدلا عنك!

تدرك معنی التواصل الخفي الذي يربط العوالم!
تدرك معنی الكتاب الذي لايغادر صغيرةً ولاكبيرة، تدرك معنی أن تكون بارا بوالديك وأهمية ذلك بالنسبة لك وبالنسبة للأسرة والمجتمع!

” ملكوت” تخرج منه وأنت بحلةٍ جديدة، وبداية جديدة، وتخطيط جديد، تخرج منه بفهمٍ جديد، ورغبةٍ جديدة وعزم جديد!

فقد قرأ الإنسان عن الروح والنفس والموت والحياة والآخرة، وقرأ عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما سمع عن الجمال، وسمع عن السكينة والسلام الداخلي، لكن لم يشاهد تمظهرات هذه المفاهيم ومحيطها، ولم يشهد لحظات الصراع والمخاض التي تصاحب تطبيق هذه المفاهيم!

نعم، قرأها أو سمعها، وبقيت هي نظريات عائمة، ربما قد مر بعضها متحققا أمام عينيه تحققا نسبيا وبحدود ما يظهر أمامه، أما أن يشاهدها وهي متجسدة أمامه، وبصورة شاملة فهذا يحققه المسلسل الإيراني” ملكوت” الذي يثبت أن الفن من أفضل وسائل التربية والتعليم والتوثيق والتنوير ونشر الجمال!