يارب أطلع هندي..!
علي عنبر السعدي ||
وحياة باجا جدّي المهراجا
في فترة المراهقة، كنا من المولعين بالأفلام الهندية، ما أن نسمع بعرض فيلم جديد، حتى نقفز من سور المدرسة، ونذهب لمشاهدته، فنحفظ تفاصيله ونردد أغنياته، ولم يدر بأذهاننا إن حبنا للهنود قد يعود بجذوره إلى إننا من أصول هندية، فقد كنا نتباهى بأصولنا العشائرية الممتدة إلى ماقبل ظهور الإسلام، حيث يحتفظ أهلنا بأشجار أنسابهم وبأجدادهم القدماء من فرسان العرب المشهورين.
نعم كنا نفتخر كذلك بتاريخ سومر وأكد وبابل وآشور، ونتيه فخراً في عراقيتنا التي يقف الآخرون دونها كما كنا نراها آنذاك.
لكننا كنا نعجب بتلك البلاد العجيبة الساحرة،أصوات مطربيها فائق العذوبة، وموسيقاها الفريدة من نوعها، مع رقصاتهم واحتفالاتهم، وكونهم الشعب الوحيد الذي يحتفل بعيد الألوان، فينثرونها على بعضهم إيذاناً ببدء الربيع ومايحمله من وعود.
وكنا نرى إنهم يناظروننا كعراقيين، بموروثاتهم الأسطورية، وتاريخهم العريق، وان كنا أقلّ نفوسا ومساحة بما لايقاس، والأكثر مثار للدهشة، إنها ذلك المستودع الهائل للبشر بمختلف دياناتهم ولغاتهم وثقافاتهم وطبقاتهم، التي انجبت شخصيات كبرى كغاندي وطاغور ونهرو وشاستري، بل وآنديرة غاندي تلك المرأة التي فاقت أعظم الرجال.
لكننا لم نكن نعرف السبب في السخرية من الهنود، بحيث يقول أحدنا للآخر”قابل آني هندي” وكنا نعتقد إنها بسبب صعوبة اللغة أو ربما من نظرة قديمة حينما كان بعض الهنود يخدمون في الجيش البريطاني، وربما سوء الفهم بينهم وبين العراقيين خلق تلك النظرة تجاههم.
لكن ما ان اطلّ حزب الصد مارد، وقائده أبو الحفرة ، حتى لطشنا بعض العظّامة من أزلامه، بسلسلة من المقالات ، ليثبت فيها بأننا هنود، وإن الغزاة العرب لبلاد الهند، جلبنا من هناك لرعي الجاموس، لكن وكما هي عادة المتعصبين والكاذبين، فإنهم يكونون غاية في الغباء يرافقه جهل وغفلة لايحتملان.
لذا فات ذلك ومن دفعه، إلى أن الجاموس هو رفيق السومريون ورمز حضارتهم، وبه تكنّى أول بطل ملحمي في التاريخ “كال كَاموش”رأس الجاموس “كَلكَامش” وان العراقيين القدماء، خلدوا الجاموس ومجدّوه في أعمالهم، وبالتالي فتتبع التاريخ يشير إلى أن موطن الجاموس الأول هو بلاد سومر وليس العكس،
اما مربيه “المعدان” فهم أبناء هذه الأرض منذ آلاف السنين، حيث كلمة معدان مشتقة من السومرية “مو: ماء – دان: لؤلوة “وبالتالي فالمعدان تعني لؤلؤة الماء، أما عن علاقتهم بالهنود، فيبدو أنهم هم أجداد الهنود حيث تمتد الحضارة السومرية إلى أكثر من 24 ألف سنة ق/م كما كشفت الحفريات والآثار.
خلاصة الحديث، ورغم اسم عشيرتي الرنان والمهاب، وعراقتها في التاريخ اليعربي، الا أنني مستعد للتخلي عنه دون تردد، لأعلن انتمائي إلى سومر، وأحفادهم من المعدان والشروكية (نشيد الحقول ) والهنود. . واقول بملء زفيري : يارب – أطلع هندي.