الخميس - 13 فيراير 2025

💎جواهر عَلَويَّةٌ: مَنْ أَفْحَشَ شَفا حُسّادَهُ..!

منذ أسبوعين
الخميس - 13 فيراير 2025

السيد بلال وهبي ـ لبنان ||

📢 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ أَفْحَشَ شَفا حُسّادَهُ”

تحمل هذه الجوهرة الكريمة معاني عميقة تجمع بين التوجيه الأخلاقي، والتحذير من تبعات السلوك السلبي على المستوى الفردي والاجتماعي.

وكي يتضح لنا مراد الإمام (ع) منها لا بد أولاً من تحديد مفهوم الفُحش لغة واصطلاحاً.

أما لغة: فالفُحشُ: القُبحُ والسُّوءُ مِن القَولِ أو الفِعلِ، يُقال: فَحَشَ وفَحُشَ وأَفْحَشَ عليْنا، فُحشاً: إذا سَبَّنا وقال قَولاً فاحِشًا. والفاحِشُ: مَن يَسُبُّ غَيرَهُ ويَشتِمُهُ، والفاحِشَةُ: القَوْلُ أو الفعلُ القَبِيحُ. وأَصلُ الفُحْشِ: الزِّيادَةُ ومُجاوَزَةُ الحَدِّ، يُقال: فَحَشَ وَزْنُهُ، يَفْحُشُ، فُحْشاً، أيْ: زادَ وجاوَزَ الحَدَّ المُعْتادَ، وكُلُّ شَيْءٍ جاوَزَ قَدْرَهُ فهو فاحِشٌ. ومِن مَعانِيه أيضاً: الذَّنْبُ والزِّنا والبَذاءُ والوَقاحَةُ.

وأما اصطلاحاً: فالفحشُ: ما يستقبحه العقل من قول، أو فعل، وينافي الأخلاق الحَسَنة والمروءة، وينفر عنه الطبع السليم. ويتضمّن الكلام البذيء، والتصرُّفات غير اللائقة، والسلوكيات الخارجة عن حدود الأدب.

وللفُحشِ صور ومظاهر عديدة:
فمنها: الفُحش في القول، مثل الألفاظ البذيئة، والشتائم، والتحدث بالكلام الفاحش، أو ذكر المعاصي بشكل علني.

ومنها: الفُحش في الفعل، مثل ارتكاب الأعمال المُشينة، كالاعتداء على الآخرين، أو انتهاك حقوقهم، وإظهار السلوكيات المنافية للحياء علناً.

ومنها: الفُحش في الفكر، كالتفكير المَليء بالحقد والكراهية، وتشجيع النفس على التقليل من قدر الآخرين.

وقد نهى الإسلام عن الفُحش بجميع صوره ومظاهره، وعدَّه في المحرَّمات، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “لَيسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، ولا اللَّعّانِ، ولا الفاحِشِ البَذِيْءِ”
وعنه (ص) أنه قال: “إنّ مِنْ شَرِّ الناسِ مَنْ تَرَكَهُ النّاسُ اتِّقاءَ فُحْشِهِ”
وعنه أيضا أنه قال: إنّ اللَّهَ حَرَّمَ الجَنَّةَ على‏ كُلِّ فَحّاشٍ بَذِي‏ءٍ، قَليلِ الحَياءِ، لا يُبالِي ما قالَ ولا ما قيلَ لَهُ، فإنّكَ إنْ فَتَّشتَهُ لم تَجِدْهُ إلّا لِغَيَّةٍ أو شِركِ شيطانٍ…”

ورُوِيَ عن الإمام محمد الباقر (ع) أنه قال: “قُولوا للناسِ أحسَنَ ما تُحِبُّونَ أن يُقالَ لَكُم، فإنَّ اللَّهَ يُبغِضُ اللَّعّانَ السَّبّابَ الطَّعّانَ علَى المؤمنينَ، الفاحِشَ المُتَفَحِّشَ…”

ثم إن قول الإمام أمير المؤمنين (ع): “مَنْ أَفْحَشَ شَفا حُسّادَهُ” أي بالغ في الفحش، ولا شكَّ في أن الشخص الذي يبالغ في فحشه يُرضي أعداءه وحسّاده الذين يتربصون به الأخطاء ويستغلون هذه التصرفات ضده، فالحَسود ينتظر زلّات الآخرين، وعندما يرى شخصاً يقع في الفحش، يرضى ويشعر بالشفاء من غيرته وحقده، لأن الفحش يقلِّل من مكانة الفاعل الفاحش، فالفحش يُظهر عيوب الإنسان، فيسهل على الحاسد التشهير به واستغلال سمعته السيئة لتحقيق مكاسب شخصية أو لإشباع رغبة الكراهية.

ولذلك يدعو الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى الحذر من السلوكيات التي تمنح الحسّاد فرصة للشماتة، مؤكداً أن الإنسان الحكيم لا يرضى لنفسه أن يسبب السرور لأعدائه، بما يفعله ويقوله، بل يتجبَّب ذلك كله، ويحافظ على طيب كلامه، واتزان أفعاله.

فجر يوم الأربعاء الواقع في: 29/1/2025 الساعة (05:33)