وَيَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ ..!
📜 الشيخ الدكتور عبد الرضا البهادلي ||
٣١/ ١ / ٢٠٢٥
(شرح روايات صفات الشيعة)
الحديث الخامس .
الفقرة السادسة عشر : وَيَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ …..
وشرح الحديث.
١. الصوم في اللغة والاصطلاح :
الصوم في اللغة بمعنى الامساك او الامتناع عن شيء ما يقال صام عن الكلام لي امتنع عن الكلام.
والصوم اصطلاحًا: الامساك مع نية الصوم عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى ذهاب الحمرة المشرقية .
٢. الشهر لغة واصطلاحا:
الشهر لغة مشتق من الفعل “أَشْهَرَ”، ويعني الظهور أو الوضوح. سُمي الشهر بهذا الاسم لأن القمر يظهر فيه ويُعلن عن بداية الشهر الجديد. يُقال: “أَشْهَرَ القمر” أي ظهر وأصبح واضحاً….
الشهر اصطلاحاً .
في الاصطلاح الفلكي هو مدة زمنية تُقدَّر بحوالي 29 أو 30 أو 31 يوماً، وهي الفترة التي يكمل فيها القمر دورة كاملة حول الأرض (من محاق إلى محاق).
الشهر في الشريعة الإسلامية : هو الفترة الزمنية التي تُحدَّد برؤية الهلال، ويبدأ الشهر القمري برؤية الهلال الجديد وينتهي برؤية الهلال التالي. وهو أساس التقويم الهجري الإسلامي.
٣. رمضان في اللغة والاصطلاح :
رمضان لغة مشتق من الجذر العربي “رَمَضَ” والذي يعني شدة الحر أوالحر الشديد، كما يُقال إنه مشتق من “رَمَضَ الصائم” أي احترق ، إشارة إلى أن الصائم يشعر بحرقة العطش أو الجوع أثناء الصيام.
ورمضان اصطلاحا في الشرع الإسلامي: هو الشهر التاسع من التقويم الهجري القمري، وهو شهر الصيام المفروض على المسلمين.
٤. فلسفة الصيام
للصوم فلسفة عميقة، فهو مدرسة اخلاقية وروحية واجتماعية، تتجاوز مسألة الامتناع عن الاكل والشرب، والغاية من الصوم هو الوصول الى حالة التقوى كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
ويمكن اعطاء بعض الفوائد المهمة لفلسفة الصوم وقد ذكرتها روايات اهل البيت عليهم السلام …
١. الصوم يعلم الانسان الصبر وضبط النفس والتحكم في الشهوات وهذا يقوي الارادة عند الانسان.
ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله: الصومُ نِصفُ الصَّبرِ .
٢. الصوم يشعر الغني بجوع الفقير وهذا مما يزرع الرحمة في قلب المؤمن وهو يدعوه ويدفعه إلى العطاء والتصدق.
روى الصدوق في الصحيح عن هشام بن الحكم “أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن علة الصيام فقال إنما فرض الله الصيام ليستوي به الغني والفقير ….
٣. الصوم الذي تصوم فيه جوارح الانسان يطهر الانسان من الذنوب والخطايا والاثام التي علقت بقلبه.
كما في الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم: “من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه”
وكما في الحديث عن الامام الصادق عليه السلام : الصوم جنة من النار .
٤. الصوم يُعلّم الإنسان المؤمن على المراقبة الذاتية حيث يمتنع عن المفطرات حتى في غياب الرقابة البشرية، مما يعزز الإخلاص في العبادة ويقرب العبد من ربه ….
عن مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) أنّها قالت: “فرض الله الصيام تثبيتًا للإخلاص”
٥. الصوم يورث الحكمة ، لانه يطهر القلب ، وباعتبار ان الغاية والهدف من الصوم هو التقوى ، فإذا الانسان طهر قلبه ووصل الى التقوى ، فان التقوى من اسباب الفيض الالهي كما قال تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله .
لذلك في حديث المعراج:… قال صلى الله علية واله وسلم: “يا ربّ وما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة، والحكمة تورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر”.
٦. الصوم يعطي للنفس السكينة والاطمئنان ،لانه يوجه طاقة الانسان من الامور المادية من الأكل والشرب الى الامور المعنوية ، ويذكر الانسان بالله تعالى ، وقد ورد في الحديث عن امير المؤمنين عليه السلام الصوم يذهب بوسواس الصدر ….
٧. الصوم له فوائد صحية للبدن فهو مطهر للبدن من السموم، وكذلك ينظم السكر في الدم ، ويقلل نسبة الدهون الضارة ويرفع نسبة الدهون المفيدة إلى غير ذلك من الامراض التي توصل اليها العلماء . وقد اختصر النبي الاكرم صلى الله عليه وآله ذلك كله بكلمتين : ” صُومُوا تَصِحُّوا “. وقد يشمل هذا الحديث صحة الروح والبدن.
٨. هناك فوائد اخرى كثيرة للصوم نكتفي بهذا المقدار منها….
٩. المؤمن الشيعي يعيش شهر رمضان بكل اخلاص وتفاني ، لانه يحقق الغاية والهدف من الصيام في ابعاده المختلفة الروحية والاخلاقية والاجتماعية والعبادية ، فالصوم بالنسبة للمؤمن الشيعي ليس فقط عن الاكل والشرب بل هو مدرسة إيمانية متكاملة يستفيد منها للارتقاء الروحي والقرب من الله تعالى …..
🤲 الهي وفقنا لنكون من شيعة آل محمد بحق محمد وال محمد صلواتك عليهم اجمعين……