ميلاد الشهادة والوفاء والعبادة..!
زمزم العمران ||
قال تعالى في كتابه الكريم 🙁 وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ) ۖ
في اليوم الثالث من شهر شعبان المعظّم من السنة الثالثة للهجرة شعّ نورُ ولادة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) وامتزج يوم ولادته بفرح الولادة وحزن الشهادة، حينما نزل جبرائيل مبشّراً بولادته جدّه النبيّ الأكرم(صلّى الله عليه وآله) ومعزّياً له في نفس الوقت.
وُلد الإمامُ(عليه السلام) في المدينة المنوّرة في بيت أبويه، المجاور لدار الرسول(صلّى الله عليه واَله)، وسط المسجد النبويّ الشريف الذي هو من أشرف وأطهر بقاع الأرض، وترعرع في حجر جدّه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) فاكتسب منه المكارم والشجاعة والفضل حتّى عُرف (عليه السلام) بالخِلْقة واللّونِ، ويقتسمُ الشَبَهَ بجدّه(صلّى الله عليه وآله) مع أخيه الإمام الحَسَن(عليه السلام).
الى البعض الذين يرون الامام الحسين عليه السلام شهيداً ، لماذا عندما يصل إلى الحاج قاسم سليماني والى الحاج ابو مهدي المهندس وشهداء حزب الله رضوان الله عليهم يقوم بالاستهزاء بهم وينعتوهم (بالكباب) ويقولون ماذا تبقى منهم لقد تقطعوا إلى أوصال ،نقول لهم أن الامام الحسين عليه السلام قد تم جمعه بحصيرة.
وكما قال أبا عبد الله الحسين عليه السلام “وإن تكن الأبدان للموت أنشئت، فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل” ،اذا انتم تنظرون إلى الأجساد ومايجري عليها فهذه هي طبيعة البشر نحن خلقنا من تراب ونذهب إلى التراب فهذه هي عناصر الطبيعة ،
أما ماخلا الطبيعة هو مايحشر الإنسان به لنفسه وروحه فهذه الأشياء التي جعل الله بها التكامل والرفعة والمنزلة بالمقابل جعل الرذيلة والانحطاط لأدنى مستوياته امير المؤمنين عليه السلام يقول : اتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر أن هذا العالم الأكبر لايتحدث عن الجسد وانما على الروح وتكاملها .
يقول الدكتور علي الوردي عن وفاء الامام العباس عليه السلام أنه وفاء بدوي أو قبلي فهل من الصحيح الأخذ بمقولته ام نأخذ اقوال ائمة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم مثل الإمام الصادق (عليه السلام) عندما قال : كان عمّنا العباس نافذ البصيرة ، صلب الإيمان ،
له منزلة عند الله يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة هذه الشواهد التي يؤخذ بها أما علي الوردي فهو خريج المدرسة الغربية التي صنعوه فقط لجلد الشعب العراقي ،
لوكان الامام العباس عليه السلام بدوي لرفض العرض الذي عرضه عليه اللعين الشمر ،تشير الروايات إلى أن العباس وأخوته تلقوا عرضاَ مغرياً من قبل جيش بن سعد قبيل المعركة بيوم. يقدم شمر بن ذي الجوشن إلى العباس ومعه الأمان له ولإخوته،في تلك الأثناء، ينادي شمر “أين بنو أختنا.. أين العباس وإخوته”؟
فما كان من العباس وإخوته، عليهم السلام، إلا الإعراض عنه وعدم الرد، لكن الحسين عليه السلام قال لهم “اجيبوه ولو كان فاسقاً”عندها أجابوا شمراً بالقول “ما شأنك وما تريد؟”،فرد اللعين “يا بني أختي أنتم آمنون لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين و الزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد”،كان يأمر الشمر بنو أخته أن يظهروا الطاعة ليزيد بن معاوية إزاء إمامهم الحسين بن علي بن أبي طالب، عليهم السلام، مقابل الأمان بمنحهم فرصة العيش في هذه الحياة.
وهنا تجلت بصيرة أبي الفضل العباس، عليه السلام، في أبهى صورها عندما رفض عرض شمر وقرر أن يتمسك بولايته لإمامه الحسين، عليه السلام وآثرها مع إخوته على العيش في الدنيا بأمان،يخاطب العباس الشمر قائلا: “لعنك الله ولعن أمانك تؤمننا وابن رسول الله لا أمان له وتأمرنا ان نـدخل في طاعـة اللعناء وأولاد اللعناء” ، فالعباس عليه السلام لايبدل النعيم المقيم الذي هو الإمام الحسين عليه السلام بالنعيم الزائل من الذهب والدراهم فهذه كانت بصيرة الامام العباس عليه السلام.
أما السجاد عليه السلام فكانت شجاعته منقطعة النظير ، فكان رغم مرضه لبى نداء أبيه الحسين عليه السلام “الا من ناصرا ينصرنا ” فعندما رأى الامام الحسين عليه السلام ضل وحيدا فقال لعمته زينب عليها السلام : ناوليني عصاي وسيفي فسألته عمته زينب وما تصنع بهما فقال عليه السلام :أما العصى فأتوكأ عليها وأما السيف فأذب به عن حرم رسول الله ،
فكان دفاعهم عن عقيدتهم وبصيرتهم وليس لديهم قبلية في هذا الموضوع ، فكان الموضوع امتداد رسالة والدفاع عنها وليس عن اب أو اخ أو صديق ، فالامام العباس عليه السلام لم يقل أتومننا وأخي لا امان له بل قال : أتومننا وابن رسول الله لا امان له ، والإمام السجاد لم يقل ناوليني سيفي لأذب عن أبي ،
بل قال لكي أذب عن ابن رسول الله ، حتى اصحاب الحسين عليه السلام لم تكن غايتهم الدفاع عن صديق أو اخ مع جل الاحترام لهذه المبادئ ، بل كانت المعادلة اكبر فهي امتداد لأمير المؤمنين وامتداد لخط الرسالة والولاية.
فهذا هو سر الآية (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) .
هذه هي المرحلة التي دافعوا عنها التي هي مرحلة عبور المسار الإلهي الرسالي من النبوة إلى الامامة ، عندما أصبحت الإمامة في خطر هم من ذبوا عن الإمامة و الولاية الحق ، عن المنهج القويم عن النعيم المقيم لا النعيم الزائل الذي قيل فيه املأ ركابي فضة وذهبا أو ذاك الذي يريد ولاية الري .
هي حرب ولكن بين النعيم المقيم والنعيم الزائل ، النعيم المقيم الذي نقول فيه لازوال منه ولا اضمحلال ، هذا هو جزء كبير من الطف فالنعيم المقيم هو الإمام الحسين عليه السلام.